وما دخلهم من الشك والحيرة في ولاة أُمورهم ، فغمّنا ذلك لكم لا لنا ، وساءنا فيكم لا فينا ، لأنّ الله معنا ولا فاقة بنا إلى غيره ، والحق معنا فلن يوحشنا من قعد عنّا «ونحن صنائع ربنا والخلق بعد صنائعنا» (١).
يا هؤلاء! ما لكم في الريب تردّدون ، وفي الحيرة تنتكسون؟! أو ما سمعتم الله عزوجل يقول : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (٢)) أو ما علمتم ما جاءت به الآثار ممّا يكون ويحدث في أئمتكم على الماضين والباقين منهم؟! أو ما رأيتم كيف جعل الله لكم معاقل تأوون إليها وأعلاماً تهتدون بها ، من لدن آدم عليهالسلام إلى أن ظهر الماضي عليهالسلام ، كلما غاب علَم بدا علَم ، وإذا أفِل نجم طلع نجم. فلمّا قبضه الله إليه ظننتم أنّ الله أبطل دينه وقطع السبب بينه وبين خلقه! كلّا ما كان ذلك ولا يكون حتى تقوم الساعة ويظهر أمر الله وهم كارهون.
وإنّ الماضي عليهالسلام مضى سعيداً فقيداً ، على منهاج آبائه عليهمالسلام حذو النعل بالنعل! وفينا وصيته وعلمه ، ومن هو خلفه ويسدّ مسدّه ، لا ينازعنا موضعه إلّا ظالم آثم ، ولا يدّعيه دوننا إلّاجاحد كافر! ولولا أنّ أمر الله تعالى لا يُغلب وسرّه لا يُعلن ولا يُظهر ، لظهر لكم من حقّنا ما تبهر منه عقولكم ويُزيل شكوككم ، لكنّه ما شاء الله كان ولكل أجل كتاب. فاتقوا الله وسلّموا لنا وردّوا الأمر إلينا ، فعلينا الإصدار كما كان منا الإيراد ، ولا تحاولوا كشف ما غُطّي عنكم ولا تميلوا عن
__________________
(١) الصنائع جمع الصنيعة : الاحسان ، وجاء في كتاب علي عليهالسلام إلى معاوية ، نهج البلاغة ، كتاب ٢٨ عن الفتوح لابن أعثم ٢ : ٩٦١ كما في المعجم المفهرس لنهج البلاغة : ١٣٩٥ ولم نجده في أنساب الأشراف.
(٢) النساء : ٥٩.