ومنه : انتزاؤه بالمحاربة لأفضل المسلمين في الإسلام مكاناً ، وأقدمهم إليه سبقاً ، وأحسنهم فيه أثراً وذكراً : عليّ بن أبي طالب ، ينازعه حقّه بباطله ، ويجاهد أنصاره بضُلّاله وغُواته ، ويحاول ما لم يزل هو وأبوه يحاولانه من إطفاء نور الله وجحود دينه (وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (١)) يستهوى أهل الغباوة ويموّه بمكره وبغيه على أهل الجهالة ، وقد قدّم النبيّ الخبر عنهما إذ قال لعمّار : «تقتلك الفئة الباغية تدعوهم إلى الجنة ويدعونك إلى النار». مؤثراً للعاجلة كافراً بالآجلة ، خارجاً من ربقة الإسلام مستحلاًّ للدم الحرام ، حتى سفك في فتنته وعلى سبيل ضلالته ما لا يحصى عدده من دماء خيار المسلمين ، الذابين عن دين الله والناصرين لحقه. مجتهداً في أن يعصى الله فلا يطاع ، وتبطل أحكامه فلا تقام ، ويخالف دينه فلا يدان ، وأن تعلو كلمة الضلالة وترتفع دعوة الباطل. و (كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا (٢)) ودينه المنصور وحكمه المتّبع النافذ وأمره الغالب ، وكيد من كادّه المغلوب الداحض ، حتى احتمل أوزار تلك الحروب وما تبعها ، وتطوّق تلك الدماء وما سفك بعدها ، وسنّ سنن الفساد التي عليه إثمها وإثم من عمل بها إلى يوم القيامة ، وأباح المحارم لمن انتهكها ، ومنع الحقوق عن أهلها ، واغترّه الإملاء واستدرجه الإمهال والله له بالمرصاد.
وممّا أوجب الله به له اللعنة : قتله من قتل صبراً من خيار الصحابة والتابعين وأهل الفضل والديانة : مثل : عمرو بن الحمق الخزاعي وحُجر بن عَدي في من قتل من أمثالهم ، في سبيل أن يكون له الملك والغلبة والعزة (بالاثم) (وَللهِ الْعِزَّةُ
__________________
(١) التوبة : ٣٢.
(٢) التوبة : ٤٠.