من القادة لابن المعتز وخلعوا المقتدر واتُّهم ابن الحلّاج أنها كانت بإشارته وإثارته وتدبيره وبلغه ذلك فهرب من بغداد إلى شوش مختفياً.
ولعلّه في رحلته هذه كان ما رواه الطوسي عن الحسين بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي : أنّ الحلّاج صار إلى قم ، وكان معه ابن عمه أو ابن عمّته فأَرسله الحلّاج بكتاب إلى بعض قرابة أبي : علي بن الحسين بن بابويه يدعوه إليه ويقول : إنه رسول الإمام ووكيله! وجاء الرجل بالكتاب وحامله إلى أبي : علي بن الحسين بن بابويه وعنده غلمانه وأصحابه فلمّا قرأ الكتاب خرقه وقال لحامله : ما أفرغك للجهالات! وهزأ به وضحكوا منه. ثمّ نهض إلى دكّانه مع جماعة غلمانه وأصحابه.
وكان الحلّاج قد سبقه إلى الدار التي فيها دكان أبي : ابن بابويه وقد جلس مع ناس جالسين هناك ، ولم يكن يعرفه أبي ، فلمّا دخل أبي إلى الدار نهض له من كان هناك غيره ، فلمّا جلس أبي وأخرج دواته ودفتر حسابه سأل بعض من حضره عن الحلّاج ، وسمعه الحلّاج فقال : تسأل عني وأنا حاضر! فقال أبي : أيها الرجل أكبرتك وأعظمت قدرك أن أسألك! فقال : أنا شاهدتك لما خرقت رقعتي! فقال له أبي : فأنت الرجل إذاً! ثمّ نادى غلامه قال : يا غلام جرّه برجله وقفاه! ثمّ قال له : اتدّعي المعجزات! عليك لعنة الله! وأخرجه الغلام من قفاه ، فما رأيناه بعدها بقم (١) فعاد إلى بغداد ، وفيها كان ما رواه قبله عن هبة الله بن محمد بن أحمد الكاتب قال : كان لأبي سهل إسماعيل بن علي النوبختي في أنفس الناس قدر ومحل من العلم والأدب ، فراسله الحلّاج يقول له في مراسلته إياه : «إنّي وكيل صاحب الزمان وقد امرت بمراسلتك وإظهار ما تريده من نصرتك لتقوى نفسك ولا ترتاب في هذا الأمر»!
__________________
(١) كتاب الغيبة للطوسي : ٤٠٢ ، ٤٠٣ ، الحديث ٣٧٧.