ولما أظهر أبو القاسم بن روح لعن الشلمغاني وتبرّأ منه وأمر جميع الشيعة بذلك واشتهر أمره ، لم يمكنه التلبيس. وكأنّ ابن مقلة قصد تحقيق ذلك فعقد في داره مجلساً حافلاً جمع فيه رؤساء الشيعة ، واستحضر معهم الشلمغاني ، فكان كل منهم يحكي عن الشيخ أبي القاسم لعن الشلمغاني والبراءة منه! فقال : اجمعوا بيني وبينه حتى آخذ بيده ويأخذ بيدي! فإن لم تنزل عليه نار من السماء تحرقه فجميع ما قاله فيَّ حق! وكان ذلك في دار ابن مقلة ، فرُقّى ذلك إلى الراضي ، فأمر بالقبض عليه وقتله.
وكان يقول : إنّه لا يتهيّأ إظهار فضيلة للولي إلّابطعن الضدّ فيه ؛ لأنه يحمل سامعي طعنه على طلب فضيلته! وإذن فهو أفضل من الوليّ! إذ لا يتهيّأ إظهار فضيلة إلّابه. وقال : كان قبل هذا العالم ست عوالم وسبع أوادم وهذا العالم السابع ، وساقوا الضدّية من لدن آدم إلى موسى وفرعون ، وعلي وأبي بكر ، والحسن ومعاوية والحسين ويزيد و... وأن باطن «القائم» هو إبليس ، فإنه قال : «لأقعدن» فدلّ على أنّه كان قائماً (١)!
ولمّا فشا شغبه وشاع أخذ يقول : أنا صاحب «الرجل» وقد امرت بإظهار العلم! وقد أظهرته ظاهراً و «باطناً»! وأنفذ إلى الشيخ النوبختي يقول له : باهلني! فأجابه الشيخ : أينا تقدم صاحبه فهو المخصوم (٢)!
وقال لمحمد بن أحمد الكاتب الاسكافي : ما دخلت مع أبي القاسم الحسين بن روح في هذا الأمر ، إلّاونحن نعلم فيما دخلنا فيه : لقد كنّا نتهارش على هذا الامر تتهارش الكلاب على الجيف (٣)
__________________
(١) كتاب الغيبة للطوسي : ٤٠٦ ، الحديث ٣٧٨.
(٢) كتاب الغيبة للطوسي : ٤٠٦ ، الحديث ٣٧٨.
(٣) كتاب الغيبة للطوسي : ٣٩١ ، الحديث ٣٦١.