وهنا روى الصدوق عن الهروي : أنّ أبا الحسن الرضا جعل يقلب كفّيه ويقول : أجل والله منقبضات! ثمّ أنشد دعبل يقول :
فلولا الذي أرجوه في اليوم أو غدٍ |
|
تقطّع قلبي إثرهم حسرات |
خروج إمام لا محالة خارج |
|
يقوم على اسم الله والبركات |
يميّز فينا كل حق وباطل |
|
ويجزي على النعماء والنقمات |
وهنا روى الصدوق عن الهروي عن دعبل! وكأن الهروي لم يكن حاضراً هنا ، قال دعبل : فلمّا انتهيت من قولي ذلك بكى الرضا عليهالسلام بكاءً شديداً ثمّ رفع رأسه إليّ وقال لي : يا خزاعي ، نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين ، فهل تدري من هذا الإمام؟ ومتى يقوم؟ فقلت : لا يا سيدي ، إلّاأني سمعت بخروج إمام منكم يطهّر الأرض من الفساد ويملأها عدلاً!
فقال : يا دعبل ؛ الإمام بعدي محمّد ابني ، وبعد محمّد ابنه علي ، وبعد علي ابنه الحسن ، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته ، المطاع في حضرته ، ولو لم يبق من الدنيا إلّايوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج فيملأها عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً! وأما متى؟ فإخبار عن الوقت.
ولقد حدثني أبي عن أبيه عن آبائه عن علي عليهالسلام : أنّ النبي صلىاللهعليهوآله قيل له : يا رسول الله متى يخرج القائم من ذريتك؟ فقال : إنّ مَثَله مَثَل الساعة (لَايُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَاتَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً (١)) ثمّ أنشد دعبل يقول :
سأقصر نفسي جاهداً عن جدالهم |
|
كفاني ما ألقى من العبرات |
فيا نفس طيبي ثمّ يا نفس أبشري |
|
فغير بعيد كل ما هو آت |
ولا تجزعي من مدة الجور أنني |
|
أرى قوتي قد آذنت بشتات |
فإن قرّب الرحمن من تلك مدتي |
|
وأخّر من عمري لطول حياتي .. |
شفيت ولم أترك بنفسي رزية |
|
وروّيت منهم منصلي وقناتي! |
__________________
(١) الأعراف : ١٨٧ ، والخبر في عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٢٦٥ ، ٢٦٦ ، الحديث ٣٥ وليس فيه أنّه عليهالسلام قام ووضع يده على رأسه ودعا له بالفرج ، مما زيد على الخبر أخيراً ، انظر الغدير ٣ : ٥١١.