أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ (١)) وحكى عزوجل عن هود قال : (يَا قَوْمِ لَاأَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِي إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٢)) ولكنّه قال لنبيه محمّد : قل : (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى») ولم يفرض الله مودتهم إلّاوقد علم أنهم لا يرتدّون عن الدين أبداً ولا يرجعون إلى ضلال أبداً .. ومن تركها ولم يأخذ بها وأبغض أهل بيته فعلى رسول الله أن يبغضه ، لأنّه قد ترك فريضة من فرائض الله عزوجل ، فأي فضيلة وأيّ شرف يتقدم هذا أو يدانيه؟!
ثمّ قال أبو الحسن عليهالسلام : حدّثني أبي عن آبائه عن الحسين بن علي عليهمالسلام قال : اجتمع (جمع من) المهاجرين والأنصار إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وقالوا له : يا رسول الله ، إنّ لك مؤونة في نفقتك ، وفي من يأتيك من الوفود ، وهذه أموالنا ـ مع دمائنا ـ فاحكم فيها باراً مأجوراً ، أعطِ ما شئت وأمسك ما شئت من غير حرج! فأنزل الله عزوجل عليه الروح الأمين فقال له : يا محمّد (قُلْ لَاأَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى (٣)) يعني : أن توَدّوا قرابتي بعدي ...
فقام رسول الله صلىاللهعليهوآله في أصحابه فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال لهم : يا أيها الناس ، إنّ الله عزوجل قد فرض لي عليكم فرضاً ، فهل أنتم مؤدّوه؟ فلم يجيبوه! فقال لهم : يا أيها الناس ، إنّه ليس من ذهب ولا فضة ولا مأكول ولا مشروب! فقالوا : إذن فهاتِ! فتلا عليهم الآية. فقالوا : أما هذه فنعم! وخرجوا ، فقال المنافقون : ما حمله على ترك ما عرضنا عليه إلّاليحثّنا على قرابته بعده! إنْ هو إلّا شيء افتراه في مجلسه! فأنزل الله عزوجل : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنْ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنْ اللهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ
__________________
(١) هود : ٢٩.
(٢) هود : ٥١.
(٣) الشورى : ٢٣.