.................................................................................................
______________________________________________________
أقول : منشأ التردد النظر الى العرف ، ووضع أهل اللغة. فإن العرف قيام كل واحدة من الصنفين مقام الأخرى. والإقرار انما يحمل على مفهوم أهل العرف ، لا على دقائق العربية ، فيكون إقرارا.
ومن حيث ان (نعم) في جواب السؤال تصديق لما دخل عليه حرف الاستفهام ، و (بلى) تكذيب له ، لأنّ أصل بلى (بل) زيدت عليها الياء ، وهي للرد والاستدراك ، وإذا كان كذلك فقوله (بلى) رد لقوله (أليس لي عليك) لأنه الذي دخل عليه حرف الاستفهام ، ونفي له ، ونفي النفي إثبات ، وقوله (نعم) تصديق له فكأنه قال : ليس لك ألف.
هذا محصل ما قاله أهل اللغة (١).
وعلى وفاقه ورد القرآن. قال تعالى (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) (٢) ولو قالوا : (نعم) كفروا ، وقال تعالى (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى) (٣). (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ بَلى) (٤).
__________________
(١) ونعم ونعم كقولك بلى ، الا ان نعم في جواب الواجب ، وهي موقوفة الأخر لأنها حرف جاء لمعنى ، وفي التنزيل (فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ) قال الأزهري : انما يجاب به الاستفهام الذي لا جحد فيه ، قال : وقد يكون نعم تصديقا ويكون عدة ، وربما ناقض بلى إذا قال : ليس لك عندي وديعة ، فتقول : نعم تصديق له وبلى تكذيب (لسان العرب ج ١٢ ص ٥٨٩ لغة نعم) وفيه أيضا : و (بلى) جواب استفهام فيه حرف نفي كقولك : ألم تفعل كذا؟ فيقول : بلى ، و (بلى) جواب استفهام معقود بالجحد ، وقيل : يكون جوابا للكلام الذي فيه الجحد كقوله تعالى (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى). التهذيب : وانما صارت بلى تتصل بالجحد ، لأنها رجوع عن الجحد الى التحقيق ، فهو بمنزلة (بل) وبل سيلها أن تأتي بعد الجحد ، وإذا قال الرجل للرجل ألا تقوم؟ فقال له : بلى ، أراد بل أقوم ، فزادوا الالف على بل ليحسن السكوت عليها إلخ (لسان العرب ج ١٤ ص ٨٨ لغة بلى).
(٢) سورة الأعراف / ١٥٢.
(٣) سورة الزخرف / ٨٠.
(٤) سورة القيامة / ٤.