الناس إليه ، فمن بايعه كنّا معه وكان معنا ، ومن اعتزلَنا كففنا عنه ، ومن نصب لنا جاهدناه ونصبنا له على بغيه وردّه إلى الحق وأهله.
وقد أحببنا أن نعرض ذلك عليك فإنّه لا غنى بنا عن مثلك ، لفضلك وكثرة «شيعتك»!
فلمّا فرغ التفت أبو عبد الله إلى سائرهم وقال لهم : أكلّكم على مثل ما قال عمرو؟ قالوا : نعم.
فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبيّ صلىاللهعليهوآله ثمّ قال : إنّما نسخط إذا عصي الله ، فإذا اطيع رضينا. ثمّ التفت إلى عمرو وقال له : يا عمرو! أخبرني لو أن الأُمة قلدتك أمرها فملكته بغير قتال ولا مؤونة ، فقيل لك : ولِّها من شئت. مَن كنت تولّي؟ قال : كنت أجعلها شورى بين المسلمين. قال : بين كلّهم؟ قال : نعم. قال : بين فقهائهم وخيارهم؟ قال : نعم. قال : قريش وغيرهم؟ قال : نعم. قال : العرب والعجم؟ قال : نعم.
قال : يا عمرو! أخبرني أتتولى أبا بكر وعمر أو تتبرّأ منهما؟ قال : أتولّاهما؟ قال : يا عمرو ، إن كنت رجلاً تتبرّأ منهما فإنّه يجوز لك الخلاف عليهما ، أما إن كنت تتولّاهما فقد خالفتهما! فقد عهد عمر إلى أبي بكر فبايعه ولم يشاور أحداً! ثمّ ردّها أبو بكر عليه ولم يشاور أحداً! ثمّ جعلها عمر شورى بين ستة فأخرج منها الأنصار غير أُولئك الستة من قريش! ثمّ أوصى الناس فيهم بشيء ما أراك ترضى به أنت ولا أصحابك! قال : وما صنع؟ (كأنه لا يدري) قال : أمر صُهيباً أن يصلّي بالناس ثلاثة أيام ، وأنّ أُولئك الستة يتشاورون ليس فيهم سواهم أحدٌ إلّاابن عمر يشاورونه وليس له من الأمر شيء ، وأوصى من بحضرته من المهاجرين والأنصار إن مضت ثلاثة أيام قبل أن يفرغوا ويبايعوا أن تُضرب أعناق الستة جميعاً! وإن اجتمع أربعة قبل أن تمضي ثلاثة أيّام وخالف اثنان أن تُضرب أعناق الاثنين! أفترضون بذاك فيما تجعلون من الشورى في المسلمين؟!