قالوا : لا ، قال : يا عمرو ، دع ذا.
أرأيت لو بايعت صاحبك هذا الذي تدعوا إليه ثمّ اجتمعت الأُمّة لكم ولم يختلف عليكم فيها رجلان ، فأفضيتم إلى المشركين الذين لم يسلموا ولم يؤدّوا الجزية ، أفعندكم وعند صاحبكم من العلم ما تسيرون به فيهم بسيرة رسول الله في المشركين في حربه؟ قالوا : نعم! قال : فماذا تصنعون؟ قالوا : ندعوهم إلى الإسلام ، فإن أبوا دعوناهم إلى الجزية. قال : وإن كانوا أهل الأوثان وعبدة النيران والبهائم وليسوا بأهل الكتاب؟ قالوا : سواء!
قال : فأخبرني عن القرآن فاقرأ منه : (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَايُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) فقرأ : (وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (١)) فقال الصادق عليهالسلام : فاستثنى الله واشترط : (مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) أفهم والذين لم يؤتوا الكتاب سواء؟ قال : نعم! قال : فعن مَن أخذت هذا؟ قال : من الناس؟ قال : فدع ذا.
ثمّ قال له : ما تقول في الصدقة؟ فقرأ الآية : (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ (٢)) إلى آخرها. فقال الصادق عليهالسلام : نعم فكيف تقسّمها بينهم؟ قال : أقسّمها على ثمانية أجزاء فاعطي كلّ جزء من الثمانية جزءاً منها. فقال عليهالسلام : فإن كان صنف منهم عشرة آلاف وصنف رجلاً واحداً أو رجلين وثلاثة ، جعلت لهذا الواحد مثلما تجعل للعشرة آلاف؟! قال : نعم!
فقال : وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يقسم صدقة البوادي في أهل البوادي وصدقة الحضر في أهل الحضر ، ولا يقسّمها فيهم بالسوية وإنّما يقسّمها على قدر ما
__________________
(١) التوبة : ٢٩.
(٢) التوبة : ٦٠.