ومعه كتابه إليه يخبره فيه بخبره وما آل إليه أمره ، فقرأ مروان الكتاب ثمّ سأل الرسول : كم دفع لك صاحبك؟ قال : كذا ، فقال : شيء يسير! وهذه عشرة آلاف درهم لك وامض بالكتاب إلى إبراهيم وخذ جوابه فأتني به ولا تعلمه بشيء ممّا جرى ، فقبل وفعل.
فلمّا عاد الرسول إليه بجواب إبراهيم إلى أبي مسلم بخطه يأمره فيه بالجد والاجتهاد والحيلة على عدوه وغير ذلك ، احتبس مروان الرسول ، وكتب إلى عامله على دمشق الوليد بن معاوية بن عبد الملك يأمره أن يكتب إلى عامل البلقاء فيسير في خيل إلى القرية المعروفة بالحُميمة والكرّار ليأخذ إبراهيم فيشدّه وثاقاً ويبعث به إليه في خيل كثيفة.
فوجّه الوليد إلى عامل البلقاء فأخذ إبراهيم من مسجد القرية ولفّفه وحمله إلى الوليد ، فحمله إلى مروان وحين مثل بين يديه جرى بينه وبين مروان خطب طويل وأنكر إبراهيم كلّ ما ذكره له مروان من أمر أبي مسلم. فأخرج إليه الرسول والكتاب وقال له : يا منافق! أتعرف هذا؟! وأليس هذا كتابك إلى أبي مسلم جواباً عن كتابه إليك؟! فلمّا رأى إبراهيم ذلك أمسك عن الكلام وعلم أنّه أتي منه. وحبسه مروان في حرّان شهرين (١).
ولما علم إبراهيم أن لا نجاة له من مروان ، كان له مولى خوارزمي يدخل عليه يسمى سابق فكتب إبراهيم وصيته إلى أخيه أبي العباس عبد الله بن محمّد ، وأوصاه بالقيام بالدولة والجدّ والحركة ، وأن لا يكون له بعده بالحُميمة لبث ولا عرْجة حتّى يتوجّه إلى الكوفة فإنّ هذا الأمر صائر إليه لا محالة وبذلك بلغتهم الرواية! وأطلعه على أمر الدعاة والنقباء في خراسان ، ورسم له رسماً أوصاه فيه أن يعمل عليه ولا يتعداه. وفي دخول لمولاه سابق عليه دفع الوصية بجميع
__________________
(١) مروج الذهب ٣ : ٢٤٣ ـ ٢٤٤.