ألا وإن ذمة الله وذمة رسوله وذمة «العباس» لكم! أن نسير فنحكم في الخاصة والعامة منكم بكتاب الله وسنة رسوله.
وإنّه ـ والله ـ أيها الناس! ما وقف هذا الموقف بعد رسول الله أحد أولى به من «علي بن أبي طالب» وهذا القائم خلفي! فاقبَلوا ـ عباد الله ـ ما آتاكم بشكر ، واحمدوه على ما فتح لكم : أبدلكم عن مروان عدوِّ الرحمان حليفِ الشيطان! بالفتى الشاب المتمهّل المتكهّل ، المتّبع لسلفه والخلف من أئمته وآبائه الذين هدى الله! فبهداهم اقتدى مصابيح الدجى وأعلام الهدى وأبواب الرحمة ومفاتيح الخير ومعادن البركة وساسة الحق وقادة العدل! ثمّ نزل.
فتكلّم أبو العباس فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على محمّد ، ووعد من نفسه خيراً ، ثمّ نزل (١).
وقال المسعودي : أتاه وجوه القواد فبايعوه ، وعلم أبو سلمة بذلك فحضر وبايعه ، وقُدّمت له الخيول وضربوا له مصافاً فركب أبو العباس ومن معه ودخلوا الكوفة في أحسن زيّ إلى دار الإمارة ، وذلك يوم الجمعة لاثنتي عشر يوماً مرّ من ربيع (الأول أو) الآخر سنة (١٣٢ ه). ثمّ دخل المسجد الجامع من دار الإمارة فصعد المنبر.
فحمد الله وأثنى عليه وذكر تعظيم الربّ ومنّته ، وفضل النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وقاد الولاية والوراثة حتّى انتهت إليه! ووعد الناس خيراً وسكت. وكان عمه داود بن علي على المنبر دون أبي العباس.
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٥٠ ـ ٣٥١. واكتفى خليفة بنقل قوله : أيّها الناس ، إنّه والله ما علا منبرَكم هذا بعد علي بن أبي طالب خليفة غير ابن أخي هذا! فلعلّه من تحوير التخفيف والتلطيف!