ففي أول ذي القعدة كتبوا بينهم صلحاً على : أنّ ابن هُبيرة على أمره مع خمسمئة من أصحابه بالمدينة الشرقية إلى خمسين يوماً ـ العشرين من ذي الحجة ـ فإن شاء دخل في الطاعة وإن شاء لحق بمأمنه! ثمّ فتحوا الأبواب. وبعد يومين دخل جمع فأخذوا كل دابة عليها سمة «لله» أي لبيت المال وقالوا : هذه للامارة (١).
فالتقى ابن هُبيرة بالمنصور وسلّم عليه بالامارة فقال له المنصور : يا يزيد ، إن بني هاشم تتجاوز عن المسيء وتأخذ بالفضل ، ولست أنت عندنا كغيرك! فأمير المؤمنين أرغب شيء في الصنيعة إلى مثلك! فأبشر بما يسرّك (٢)!
فقال له ابن هُبيرة : إن إمارتكم محدثة فأذيقوا الناس حلاوتها وجنّبوهم مرارتها تجتذبوا قلوبهم ، وما زلت منتظراً لهذه الدعوة! ثمّ قام من عنده (٣).
وقال اليعقوبي : كان يزيد قد استعدّ لحصار سنتين وأدخل الأقوات والعلوفة لعشرين ألف مقاتل ، ولكنّه لما دام الحصار والقتال عشرة أشهر وجّه السفراء وطلب الأمان فأُجيب إلى ذلك وكتب له كتاب أمان بشروط سألها وختمه السفاح نفسه! وخرج ابن هُبيرة إلى المنصور فبايعه ، وكان يركب كل يوم في ألف فارس وألف راجل! فشكاه عسكر المنصور فأمره أن يقللهم فقلّلهم إلى خمسمئة راجل! فطلب منه حاجب المنصور أبو غسان أن يقللهم فقللهم إلى ثلاثين راكباً وثلاثين راجلاً!
__________________
(١) مروج الذهب ٣ : ٢٤٧ ـ ٢٤٨.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٥١.
(٣) تاريخ خليفة : ٢٦٢.