بين يديه ، فسلّمت عليه فقال : يا أبا عبد الله أصمت اليوم؟ فقلت : لا فقال : فادنُ فكُل ، فدنوت فأكلت وقلت له : الصوم معك والفطر معك! فقال له رجل : تفطر يوماً من شهر رمضان؟! قال : إي والله ، أن أُفطر يوماً من شهر رمضان أحبّ إليّ من أن يضرب عنقي (١).
فيعلم منه أن سفره إليه كان في شهر رمضان ، فيبدو أن ذلك كان في أوائل عهد الحسين بن جعفر العباسي بالمدينة ، ولعلّ السفاح تعمّد إدخاله إليه يومئذ وحينئذ لاختبار موقف الإمام عليهالسلام ماذا يفعل.
ويظهر من خبر آخر أنّ والي الكوفة يومئذ ما زال كان عمّ السفاح : داود بن علي قبل أن يولّيه المدينة ، والسفّاح وداود لم يمنعا الناس بعد من اللقاء بالإمام عليهالسلام ، ولذا كان يرى الناس لكلامه فيهم أثراً ونفوذاً ، ذلك ما رواه الكليني بسند صحيح عن داود بن زربي البندار الخندقي الذي أصبح بعد من أخص الناس بالرشيد (٢) بالتقية ، عن مولى لعليّ بن الحسين عليهالسلام قال : لما قدم أبو عبد الله الصادق الحيرة كنت بالكوفة ، فأتيته وقلت له : جعلت فداك! لو كلّمت داود بن علي أو بعض هؤلاء ، فأدخل في بعض هذه الولايات! فقال : ما كنت لأفعل. فانصرفت إلى منزلي.
ثمّ تفكّرت فحسبت أنّه ما منعني ذلك إلّامخافة أن أظلم أو أجور ، والله لآتينّه واعطيّنه الطلاق والعتاق والأيمان المغلّظة أن لا أجورنّ على أحد ولا أظلمنّ ولأعدلنّ!
__________________
(١) الكافي ٤ : ٨٣ الباب ٩ ، الحديث ٩ و ٨٢ ، الحديث ٧ ، والتهذيب ٤ : ٣١٧ ، الباب ٧٢ ، الحديث ٣٣.
(٢) جامع الرواة ١ : ٣٠٣.