وفي موسم الحج لسنة (١٣٨ ه) حجّ جمع من شيعة الكوفة فدخلوا على الصادق عليهالسلام منهم حنّان بن سدير الصيرفي وميسّر النخعي المدائني الكوفي بياع الثياب الزطّية الهندية فقال : جُعلت فداك! عجبت لقوم كانوا يأتون معنا إلى هذا الموضع (عند الإمام) فانقطعت آثارهم وفنيت آجالهم! قال : مَن هم؟ قال : أبو الخطّاب وأصحابه! وكان الإمام متكئاً فجلس ورفع يده مؤكّداً وقال : على أبي الخطّاب لعنة الله والملائكة والناس أجمعين! أشهد بالله أنّه فاسق كافر مشرك! وأنه يُحشر مع فرعون في أشدّ العذاب غدواً وعشياً! ثمّ استدرك حزنه على ضلال أصحابه فقال : أما والله إني لأنفس على أجساد أُصيبت معه (١).
وكان عبد الله بن بكير الرجاني سمع الصادق عليهالسلام يقول : لما قتل علي عليهالسلام أصحاب النهروان أصبح بعض أصحابه يبكون عليهم ، فقال علي لهم : أتأسون عليهم؟ قالوا : لا ، إلّاأنا ذكرنا الأُلفة التي كنّا عليها ، والبلية التي أوقعتهم ، فلذلك رفقنا عليهم. قال : لا بأس. فذكر عبد الله بن بكير عند الصادق عليهالسلام مقتل أبي الخطاب يوماً فرقّ وبكى ، فقال عليهالسلام : أتأسى عليهم؟ قال : لا ، ثمّ ذكر له ما سمعه منه بشأن أصحاب النهروان ، فقال : لا بأس (٢).
هذا ، ولكنّه للمزيد من التأكيد على التبرّي منهم قال : لعن الله أبا الخطاب ، ولعن من قتل معه ، ولعن من بقي منهم! ولعن الله من دخل قلبه رحمة لهم (٣)!
ولما تبرّأ الإمام عليهالسلام من المغالين فيهم قال له سدير الصيرفي الكوفي : جُعلت فداك فما أنتم؟ قال : «نحن قوم معصومون ، أمر الله بطاعتنا ونهى عن
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال : ٢٩٦ ، الحديث ٥٢٤.
(٢) المصدر : ٢٩٣ ، الحديث ٥١٧.
(٣) المصدر : ٢٩٥ ، الحديث ٥٢١ وفي من بقي منهم انظر الأشعري والنوبختي.