فقال الرجل : هو ذاك! فقال : والله ما عرفنا فضلهم إلّاباتباعهم إياه!
وكان أبو البلاد حاضراً فقال كلمة في عظيم منزلة أبان في التشيع. فقال له أبان :
يا أبا البلاد ، أتدري من «الشيعة»؟ «الشيعة» الذين إذا اختلف الناس عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أخذوا بقول علي عليهالسلام ، وإذا اختلف الناس عن علي أخذوا بقول جعفر بن محمّد عليهالسلام.
وكأنه كان أكبر من الصادق عليهالسلام عمراً وراوياً عن كثير غيره فعابه بعضهم لروايته عن الصادق عليهالسلام فقال لهم : كيف تلوموني في روايتي عن رجل ما سألته عن شيء إلّاقال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله؟!
وعن مبلغ رواياته عنه قال الصادق عليهالسلام لأبان بن عثمان الأحمر البجلي : إن أبان بن تغلب روى عنّي ثلاثين ألف حديث! فاروها عنه!
ولذا لما دخل عليه مع ابنه محمّد ، قال محمّد : فلمّا بصر به أمر بوسادة له وقام إليه ورحّب به وصافحه واعتنقه ثمّ جلس إليه وساء له (١).
وكان الصادق عليهالسلام في موسم الحج قبل المواقف يستقر أياماً في جبل في طرف الحرم في خيمة صغيرة ، وقد اجتمع حوله أبان بن تغلب والأحول مؤمن الطاق محمّد بن علي وحُمران بن أعين مولى شيبان ، وقيس بن الماصر وهشام بن سالم الجواليقي وهشام بن الحكم مولى كندة ، ويونس بن يعقوب البجلي عنده في الخيمة.
وكان يونس قد استأنس إلى مزاولة الكلام ولكنّه سمع الصادق عليهالسلام يقول : ويل لأصحاب الكلام ، يقولون : هذا نعقله وهذا لا نعقله ، هذا ينقاد وهذا لا ينقاد ، هذا ينساق وهذا لا ينساق. فترك يونس الكلام (٢).
__________________
(١) رجال النجاشي : ١١ ـ ١٢.
(٢) أُصول الكافي ١ : ١٧١ ، الباب الأوّل ، كتاب الحجة ، الحديث ٤.