ثمّ ناظره في التوحيد هشام بن سالم الجواليقي ، وفي الاستطاعة حمزة الطيار مولى فزارة ، وفي الإمامة هشام بن الحكم مولى كندة ، فتركه لا يُحير جواباً ، وبقي الصادق عليهالسلام يضحك حتّى بدت نواجذه! فقال الشامي : كأنك أردت أن تخبرني أنّ في «شيعتك» مثل هؤلاء الرجال! قال : هو ذاك.
ثمّ قال له : يا أخا أهل الشام ، إن الله أخذ ضغثاً من الحق وضغثاً من الباطل ، فمغثهما ثمّ أخرجهما للناس ، ثمّ بعث أنبياء يفرّقون بينهما ، وجعل بعد الأنبياء أوصياء ، ولو كان كل واحد من الحق والباطل قائماً بشأنه على حدة ما احتاج الناس إلى نبي ولا وصيّ ، ولكن الله خلطهما وجعل تفريقهما إلى الأنبياء والأئمة من عباده!
فقال الشامي : قد أفلح من جالسك. ثمّ قال : اجعلني من شيعتك وعلّمني.
فقال الصادق لهشام بن الحكم : يا هشام ، علّمه فإني احبّ أن يكون تلميذاً لك. فكان الشامي يأتي هشاماً بهدايا أهل الشام ، وهشام يزوّده بهدايا أهل العراق (١).
أو قال الشامي للصادق عليهالسلام : صدقت ، ثمّ قال : الساعة أسلمت لله! قال الصادق : بل قل : آمنت بالله ، فإن الإسلام قبل الإيمان ، بالإسلام يتناكحون ويتوارثون ، وبالإيمان يثابون! فقال الشامي : فأنا الساعة أشهد أن لا إله إلّاالله ، وأن محمّداً رسول الله ، وأنك وصيّ الأوصياء (٢).
فمن هذا الخبر يظهر أن أبان بن تغلب على حفظه لثلاثين ألف حديث لم يقدمه الإمام في الفقه على زرارة ، وإنّما قدمه في العربية!
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال : ٢٧٦ ـ ٢٧٨ ، الحديث ٤٩٤.
(٢) أُصول الكافي ١ : ١٧٣ ، الباب الأوّل ، الحديث ٤ ، كتاب الحجة.