والنباتات والشجرة المثمرة وغير ذات الثمر ، والحبوب والبقول ، المأكول من ذلك وغير المأكول ، ما يعتبر به المعتبرون ، ويحنّ إلى معرفة المؤمنون ، ويتحيّر فيه الملحدون. فبكّر عليَّ غداً. فانصرفت من عنده فرحاً مسروراً (١).
ثمّ بكّر إليه غداً وبعد غد إلى أربعة أيام إلى زوالها ، فأملى عليه مما قال ما عُرف بكتاب توحيد المفضّل.
وقد مرّ في الخبر الثاني في هذا العنوان ما كان يمثل أول معرفة لابن أبي العوجاء بالصادق عليهالسلام. إلّاأن المفيد انفرد بما أفاد إغراءً آخر عن ابن المقفّع لابن أبي العوجاء بالصادق عليهالسلام مما ظاهره أنّه أول إغراء منه له به عليهالسلام :
عن ابن قولويه عن الكليني عن القمي عن الفُقيمي : أن نفراً من الزنادقة منهم ابن أبي العوجاء وابن الأعمى وابن طالوت وابن المقفّع كانوا في الموسم بعد الحج مجتمعين في المسجد الحرام ، والصادق عليهالسلام إذ ذاك يفتي الناس ويجيب عن مسائلهم بالحجج والبيّنات ويفسّر لهم القرآن. فقال القوم لابن أبي العوجاء : «هذا الجالس علّامة زمانه! وقد ترى فتنة الناس به! فهل لك في تغليطه بسؤاله عمّا يفضحه عند المحيطين به»؟! مما ظاهره عدم سابق معرفة له به عليهالسلام. ولكنّه قال :
فتقدم إليه وفرّق الناس عنه حتّى وقف عليه وقال له : أبا عبد الله! لابدّ لكل من كان به سُعال أن يسعل! فهل تأذن لي بالسؤال؟ قال عليهالسلام : سل إن شئت!
فقال : إلى كم تدوسون هذا البيدر! وتلوذون بهذا الحجر؟ وتعبدون هذا البيت! المرفوع بالطوب والمدر ، وتهرولون حوله هرولة البعير إذا نفر! من فكّر في هذا وقدّر علم أنّه فعل غير حكيم ولاذي نظر! فقل فإنّك رأس هذا الأمر وسنامه وأبوك اسّه ونظامه!
__________________
(١) توحيد المفضل : ٣٩ ـ ٤٤ ، وشرحه المرحوم العلّامة الشيخ ميرزا محمّد الخليلي النجفي في أربعة أجزاء ، باسم : من أمالي الإمام الصادق عليهالسلام.