سجد سجدة طويلة ثمّ رفع رأسه فنظر إليه قليلاً ثمّ سجد سجدة أطول ثمّ رفع رأسه وقد حضره الموت فغمّضه وربط لحييه وغطّى عليه بملحفة (١) وجزع عليه ، فلما رأى الأرقط ذلك وهو ابن عمّ الإمام قال له : يا أبا عبد الله قد مات رسول الله صلىاللهعليهوآله ، يعزيه بذلك ، فارتدع عن الجزع ثمّ صدّقه وشكره (٢).
ثمّ أمر بتهيئته ، فلما فُرغ من أمره دعا بكفنه وكتب في حاشية الكفن : إسماعيل يشهد أن لا إله إلّاالله (٣) ودخل عليه زرارة بن أعين الرومي مولى بني شيبان فقال له : يا زرارة جئني بأخيك حُمران وأبي بصير وداود الرقي ، قال : فخرجت فاحضرت من أمرني بإحضاره ، ودخل عليه المفضل بن عمر ولم يزل يدخل الناس واحداً واحداً حتّى صرنا في البيت ثلاثين رجلاً ، فلما احتشد المجلس قال لداود : يا داود ، اكشف لي عن وجه إسماعيل! فكشف عن وجهه ، فقال له : يا داود ، أحيٌّ هو أم ميت؟! قال داود : يا مولاي هو ميت! فجعل يعرض ذلك على رجل رجل حتّى أتى على آخر من في المجلس وكل يقول : هو ميت يا مولاي! فقال : اللهمّ اشهد.
ولما فرغوا منه قال للمفضل : يا مفضل ، احسَر عن وجهه! فحسر عن وجهه فكرّر : أحيٌّ هو أم ميت؟ قال : ميت! قال : اللهمّ اشهد عليهم.
ثمّ حُمل إلى قبره ، فلما وُضع في لحده قال للمفضل : يا مفضل ، اكشف عن وجهه ، وقال للجماعة : أحي هو أم ميت؟! قلنا له : ميت ، فقال : اللهم اشهد ، واشهدوا ، فإنه سيرتاب المبطلون. ثمّ تلا قوله سبحانه : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ) وكان ابنه موسى عنده فأومى إليه وتلا : (وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ
__________________
(١) كمال الدين : ٧٢ و ٧٣ عن أبي كهمس.
(٢) كمال الدين : ٧٢.
(٣) كمال الدين : ٧٢ و ٧٣ عن أبي كهمس.