يلعنون علياً عليهالسلام على منابرهم ، وكان شتم علي عليهالسلام عادة لهم ، فلمّا نهى عمر عن ذلك عُدّ محسناً ومُدح من كفّ عنه ، وجعلوه بما نقص من تلك الامور الفضيعة في عداد الأئمة الراشدين (١).
وكأنّه لم يكتفِ بالكفّ عن سبّه عليهالسلام بل قال بتفضيله وأولويته بالنبي صلىاللهعليهوآله ، فيما رواه الكلبي قال : إنّ ميمون بن مهران التابعيّ (٢) رفع إلى عمر قضيّة اختصام أب المرأة وزوجها في وقوع طلاقها لأنّه حلف بطلاقها (٣) أنّ علياً عليهالسلام خير هذه الامة وأولاها برسول الله صلىاللهعليهوآله. فجمع عمر بن عبد العزيز بني أُمية وبعض بني هاشم وفيهم بعض أبناء عقيل بن أبي طالب (؟) ثمّ سأل أباها وزوجها عن حلفه فقال : نعم! فنظر بنو أُمية إليه شزراً ونظروا في وجه عمر. فقال لهم ما تقولون؟ فقال أحدهم : هذا حكم في فرج فلسنا نجترئ على القول فيه. قال له : قل ما عندك فإنّ القول جائز (نافذ) عليّ في مجلسي ما لم يحقّ باطلاً أو يبطل حقّاً! فقال : لا أقول شيئاً! فالتفت عمر إلى الرجل من بني عقيل وقال له : فما تقول أنت وقولك وحكمك ماضٍ! فقال : برّ قسمه ولم تطلق امرأته! فقال عمر : وأ نّى علمت ذلك؟
قال : يا أمير المؤمنين ، نشدتك الله! ألم تعلم أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال لفاطمة وهو عائد لها : ما تشتهين؟ قالت : نعم أشتهي عنباً! فقال : اللهمّ ائتنا به مع أفضل امتي منزلة عندك! فطرق الباب علي ودخل ومعه مكتل تحت ردائه. فسأله عنه فقال : عنب التمسته لفاطمة! فكبّر رسول الله مرّتين ، ثمّ دعا : اللهمّ كما سررتني بأن خصصت علياً بدعوتي فاجعل فيه شفاء بنيّتي! ثمّ قال لها : كلي على اسم الله يا بنية! فأكلت ، فما خرج رسول الله حتّى برأت واستقلّت!
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي ١٥ : ٢٥٦ عن الجاحظ ، ويلاحظ شروع مصطلح الأئمة الراشدين.
(٢) انظر ترجمته في قاموس الرجال ١٠ : ٣٢٧ برقم ٧٩٠٩ ، وفي حلية الأولياء ٤ : ٩٢ ـ ٩٦.
(٣) وهذه من البوادر الاولى للحلف بالطلاق.