وأبو حنيفة على جعفر بن محمّد (عليهماالسلام) فسلّمت عليه ثمّ قلت له : أمتع الله بك ، هذا رجل من أهل العراق له فقه وعقل! فقال جعفر عليهالسلام : لعلّه هو الّذي يقيس الدين برأيه؟! ثمّ أقبل عليّ فقال : هذا النعمان بن ثابت؟ فقال أبو حنيفة : نعم ، أصلحك الله (١) قال ابن شُبْرُمة : ولم أكن أعرف اسمه إلّاذلك اليوم (٢).
ثمّ قال له : يا نعمان! هل تُحسن أن تقيس رأسك؟ قال : لا. قال : فما أراك تُحسن شيئاً ولا فرضك إلّامن عند غيرك! فهل عرفت كلمة أوّلها كفر وآخرها إيمان؟ قال : لا. قال : فهل عرفت ما الملوحة في العينين والمرارة في الاذنين والبرودة في المنخرين والعذوبة في الشفتين؟ قال : لا. قال ابن أبي ليلى (وليس ابن شُبْرُمة) فقلت : جعلت فداك! فسِّر لنا جميع ما وصفت.
فقال : حدّثني أبي عن آبائه عن رسول الله صلىاللهعليهوآله : أن الله تبارك وتعالى خلق عيني ابن آدم من شحمتين فجعل فيهما الملوحة ، ولولا ذلك لذابتا فالملوحة تلفظ ما يقع في العين من القذى. وجعل المرارة في الاذنين حجاباً للدماغ ، فليس من دابة تقع فيه إلّاالتمست الخروج! ولولا ذلك لوصلت إلى الدماغ! وجعل العذوبة في الشفتين منّاً من الله عزوجل على ابن آدم ليجد بذلك عذوبة الريق وطعم الطعام والشراب. وجعل البرودة في المنخرين لئلّا تدع في الرأس شيئاً إلّاأخرجته.
قلت : فما الكلمة التي أوّلها كفر وآخرها إيمان؟ قال : قول الرجل : لا إله إلّا الله فأوّلها كفر وآخرها إيمان.
ثمّ قال : يا نعمان ، إياك والقياس ، فقد حدّثني أبي عن آبائه عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «من قاس شيئاً بشيء قرنه الله عزوجل مع إبليس في النار!
__________________
(١) أمالي الطوسي : ٦٤٥ ، المسألة ٣٣ ، الحديث ١.
(٢) الأخبار الموفّقيات : ٧٦ وأبو حنيفة مولى تيم.