فقال الصادق عليهالسلام : لا تقبل في ذي رحمك ، وأهل الرعاية من أهل بيتك : قول من حرّم الله عليه الجنة وجعل مأواه النار ، فإن النمّام شاهد زور وشريك إبليس في الإغراء بين الناس ، وقد قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (١)).
ونحن لك ولملكك دعائم وأركان ، ما أمرت بالعرف والإحسان ، وأمضيت في الرعية بأحكام القرآن! وأرغمت بطاعتك لله أنف الشيطان ، وإن كان يجب عليك في سعة فهمك وكثرة علمك ومعرفتك بآداب الله : أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمّن ظلمك ، فإن المكافي ليس بالواصل ، إنّما الواصل من إذا قطعته رحمه وصلها ، فصل رحمك يزد الله في عمرك ، ويخفّف عنك الحساب يوم حشرك!
فقال المنصور : قد صفحت عنك لقدرك! وتجاوزت عنك لصدقك.
ثمّ قال له : فحدّثني بحديث من نفسك أتّعظ به ، ويكون لي زاجَر صدق عن الموبقات!
فقال الصادق عليهالسلام : عليك بالحلم فإنه ركن العلم ، واملك نفسك عند أسباب القدرة ؛ فإنك إن تفعل ما تقدر عليه كنت كمن شفى غيظاً أو تداوى حقداً ، أو يحبّ أن يذكر بالصولة. واعلم بأنك إن عاقبت مستحقاً (للعقوبة) فغاية ما توصف به ليس إلّاالعدل ، ولا أعرف حالاً أفضل من حال العدل ، و (لكن) الحال التي توجب الشكر (على الناس) أفضل من الحال التي توجب الصبر!
فقال المنصور : وعظت فأحسنت وقلت فأوجزت.
ثمّ قال : فحدثني عن فضل جدّك علي بن أبي طالب عليهالسلام حديثاً لم تؤثره العامة.
__________________
(١) الحجرات : ٦.