وكان المنصور قد كتب إلى عيسى بن موسى العباسي يستعجل قدومه ، فلمّا وصله قال له : يا أبا موسى! أنت أولى بالفتح من جعفر ومحمّد ابني سليمان العباسي ، فانفذ ليكمل الله! الظفر على يديك. وبعثهما معه ، فخرج في ثمانية عشر ألفاً (١)! فعسكر إبراهيم في ماجور يريد المنصور ، وعلى ميسرته يزيد بن لبيد اليشكري الهمْداني ، وعلى ميمنته عيسى بن زيد بن علي ومعه الزيدية فلم يرضوا بالبيات على العباسيّين ، ولا برجوع إبراهيم إلى البصرة ليمدّهم بالأمداد ، ولا بحفر الخندق حولهم ، ولا بأن يجعل العسكر كراديس فإذا هُزم كردوس ثبت كردوس متحجّجين بقوله سبحانه : (كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ (٢)).
نزل إبراهيم إلى قرية باخمرا ، وصار عيسى العباسي إلى قرية سُحا ، وقدّم حميد بن قحطبة الطائي للقتال أيضاً ، والتحمت الحرب أشد حرب والدائرة على العباسيّين ، وظهر وانتصر إبراهيم انتصاراً كبيراً على العباسيّين حتّى هزم عسكرهم عدّة مرات ، وزحف حتّى قرب من الكوفة (٣) ، حيث تبع أصحاب إبراهيم عسكر عيسى العباسي وهزموهم هزيمة قبيحة حتّى وصل أوائلهم إلى الكوفة! فأمر المنصور بإعداد الابل والدواب على جميع أبواب الكوفة ليهرب عليها!
وكان إبراهيم واقفاً على فرسه ينظر إلى أصحاب عيسى العباسي وقد ولّوا ومنحوا اكتافهم لأصحاب إبراهيم. ونكص عيسى العباسي برايته وأصحاب إبراهيم يقتلون فيهم ، وعلى إبراهيم قباء أصفر فأذاه الحر فحلّ أزراره.
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٧٧.
(٢) مقاتل الطالبيين : ٢٢٨ ، ٢٢٩ ، ٢٤٢ ، ٢٤٣ و ٢٥١.
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٧٨.