فاصطحب محمّد معه بعض الشاكرية (الخدم) وحمل معهم سُلّماً ، قال : فأتيته وأمرت بنصب السلّم ثمّ تسلّقت عليه الحائط فنزلت عليه داره ، فوجدته قد ائتزر بمنديل وعليه قميص وهو قائم يصلّي ، فلمّا سلّم من صلاته قلت له : أجب أمير المؤمنين! فقال : دعني ألبس ثيابي! قلت : ليس إلى ذلك سبيل ؛ قال : فأدخل المغتسل وأتطهّر! قلت : وليس إلى ذلك سبيل فلا تشغل نفسك فإني لا أدعك تغيّر شيئاً! قال : فأخرجته حافياً حاسراً في قميصه ومنديله! وكان قد جاور السبعين! فلمّا مشى بعض الطريق ضعف ، فرحمته وأمرت شاكرياً أن يقدم له دابته فركبها وصرنا إلى القصر ، فسمعت المنصور يقول لأبي الربيع : ويلك يا ربيع قد أبطأ الرجل.
قال محمّد : وكان أبي يتشيّع! فلمّا وقعت عينه على جعفر بن محمّد عليهالسلام وهو بتلك الحال بكى!
فقال له جعفر عليهالسلام : يا ربيع ؛ أنا أعلم ميلَك إلينا ، فدعني اصلي ركعتين. قال : شأنَك وما تشاء. فصلّى ركعتين خفّفهما (هما صلاة الغداة) ثمّ دعا بعدهما بدعاء طويل ، والمنصور في كل ذلك يستحث أبيَ الربيع.
فلمّا فرغ من دعائه بطوله أخذ أبي الربيع بذراعيه فأدخله على المنصور ، فوقف بين يديه! فلمّا نظر إليه قال : وأنت يا جعفر! ما تدع بغيك وحسدك وإفسادك على أهل هذا البيت من بني العباس! وما يزيدك الله بذلك إلّاشدّة حسد ونكد ، ما تبلغ به ما تقدّره!
فقال له : والله يا أمير المؤمنين! ما فعلت شيئاً من هذا! ولقد كنت في ولاية بني امية وأنت تعلم أنّهم أعدى الخلق لنا ولكم ، وأ نّهم لا حقّ لهم في هذا الأمر ، فوالله ما بغيت عليهم ، ولا بلغهم عني سوء ، مع جفاهم الذي كان بي. وكيف ـ يا أمير المؤمنين ـ أصنع الآن هذا وأنت ابن عمّي وأمسّ الخلق بي رحماً! وأكثرهم عطاءً وبرّاً! فكيف أفعل هذا؟! عزوجل الحمد لله اينج الحمد لله الله رينت