قال الربيع : فخرجنا من عند المنصور وأنا مسرور بسلامة جعفر (عليهالسلام) ومتعجّب مما أراد المنصور وما صار إليه من أمره. وقال لي جعفر (عليهالسلام) : إنك كنت قد طلبت منّي أرضى بالمدينة وأعطيتني بها عشرة آلاف دينار! فلم أبعك. فالآن وهبتها لك! قلت : يابن رسول الله إنّما رغبتي الآن في الدعاءين الأول والثاني فإذا علّمتني إياهما فهو البرّ ولا حاجة لي الآن في الأرض! فقال : إنّا أهل بيت لا نرجع في معروفنا! فنحن ننسخك الدعاء ونسلّم لك الأرض! فصرت معه إلى المنزل فكتب لي بعهدة الأرض وأملى عليَّ دعاء رسول الله يوم الأحزاب وما دعا به بعد ركعتي الغداة.
وقلت له : أما خفت أبا جعفر المنصور وما أعدّ لك؟! قال : وما أعد؟! خيفة الله دون خيفته والله في صدري أعظم منه!
قال الربيع : ولما وجدت من المنصور خلوة وطيب نفس سألته عمّا كان عليه من قتل جعفر (عليهالسلام) ثمّ ما صار إليه. فقال : ويحك يا ربيع! هذا ستره أولى وليس هو مما ينبغي أن يحدّث به ، ولااحبّ أن يبلغ ولد فاطمة فيفتخرون ويتيهون بذلك علينا! حسبنا ما نحن فيه ، ولكن لا اكتمك شيئاً ، انظر من في الدار فنحّهم. فنحّيت كلّ من في الدار. ثمّ قال لي : ارجع ولا تبقِ أحداً! ففعلت. ثمّ قال لي : فليس الآن إلّاأنا وأنت ، والله لئن سمعت ما ألقيه إليك من أحد لأقتلنك وولدك وأهلك أجمعين! ثمّ قال : يا ربيع ، قد كنت مصرّاً على قتل جعفر وأن لا أسمع ما يقول ولا أقبل له عذراً ، وكان أمره أغلظ عندي وأهم من أمر عبد الله بن الحسن ، وإن كنت أعلم منه ـ ومن آبائه على عهد بني امية ـ أنّه ممن لا يخرج بالسيف!
(ولكن) لما هممت به في المرّة الاولى تمثّل لي رسول الله (صلىاللهعليهوآله) فإذا هو حائل بيني وبينه باسط كفّيه حاسر عن ذراعيه قد عبس وقطّب في وجهي! فصرفت وجهي عنه.