ثمّ هممت به في المرة الثانية وانتضيت من السيف أكثر من المرة الاولى فإذا أنا برسول الله (صلىاللهعليهوآله) قد قرب مني ودنا شديداً وهمّ بي أن لو فعلت لفعل! فأمسكت.
ثمّ انتضيت السيف في الثالثة فتمثّل لي رسول الله باسطاً ذراعيه قد تشمّر واحمرّ وعبَس وقطّب ، حتّى كاد أن يضع يده عليَّ ، فخفت والله لو فعلت لفعل ، فكان منّي ما رأيت!
وهؤلاء من بني فاطمة لا يجهل حقّهم إلّاجاهل لا حظّ له في الشريعة! ثمّ قال لي : فإياك أن يسمع هذا منك أحد!
قال محمّد بن الربيع : فما حدّثني به أبي حتّى مات المنصور (١).
فالمنصور إذ يقول : «لا يجهل حقّهم إلّاجاهل لا حظّ له في الشريعة» هل يعترف على نفسه بأ نّه يجهل حقّهم؟! بل إنّما يدّعي أنّه لا يجهل حقّهم! إلّاأن حقّهم ليست الإمامة العامة والحكومة والخلافة ، وإنّما على مستوى العشرة آلاف درهم وأن يسوّد لحيته بعطوره الغالية الخاصّة! وأن يخيّره في البقاء ببغداد والعودة إلى المدينة. ومحمّد بن الربيع إذ يصف أياه بأ نّه كان يتشيّع لا يعني إلّامثل هذا أو نحوه دون التشيّع بالمعنى الخاص حتّى بعد ما رأى من كرامات الإمام واستجابة دعواته ، ولا ابنه محمّد ، نعم هو يروي الخبر لآخر من موالي بني العباس هو الحسن بن علي بن يقطين الذي كان قد انقطع عن ولاء مواليه العباسيّين إلى أئمة أهل البيت عليهمالسلام.
والخبر احتوى على تخيير المنصور للإمام عليهالسلام بين الرحيل والمقام ، ثمّ لم يذكر ما حصل.
وهنا خبر آخر يرجح أنّه كان في هذه السفرة بقصر المنصور ببغداد أيضاً :
يدعيه محمّد بن عبيد الله الاسكندري أنّه كان من ندماء المنصور وخواصّه وأصحاب سرّه ، فدخل عليه ورآه مغتماً يتنفّس بارداً مفكّراً ، فسأله عن علّة
__________________
(١) بحار الأنوار ٤٧ : ١٩٥ ، ١٩٩ ، عن مهج الدعوات : ١٩٢ عن الكتاب العتيق.