فقال عليهالسلام : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله في زمن قتر مُقتر ، وكان يأخذ (ذلك) لقتره وإقتاره. وإن الدنيا بعد ذلك أرخت عَزاليها (فم القربة) فأحق أهلها بها أبرارها ، ثمّ تلا قوله سبحانه : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ (١)) فنحن أحقّ من أخذ منها ما أعطاه الله.
ثمّ اجتذب بيد سفيان فجرّها إليه وقال : غير أني يا ثوري ما ترى عليَّ من ثوب إنّما لبسته للنّاس ، ثمّ أخرج الثوب الذي على جلده غليظاً وقال : وهذا لبسته لنفسي! ثمّ أزاح الثوب الغليظ الخشن على سفيان وأرى تحته ثوباً ليّناً وقال : وأنت لبست هذا الأعلى للناس وهذا لنفسك تُسرها (٢)!
ورووا الخبر عنه قال : دخلت على جعفر بن محمّد وعليه جُبّة خزّ سوداء وكساء خز ، فجعلت أنظر إليه تعجباً! فقال لي : يا ثوري مالك تنظر إلينا؟ لعلّك تعجب مما ترى؟! فقلت له : يابن رسول الله ، ليس هذا من لباسك ولا لباس آبائك!
فقال : يا ثوري ، كان ذلك زمان إقتار وافتقار ، فكانوا يعملون على قدر اقتاره وافتقاره ، وهذا زمان قد أسبل كل شيء عزاليه (فم القربة) ثمّ حسر ردان جبّته فإذا تحتها جبّة صوف بيضاء يقصر الردان عن الردان وقال : يا ثوري لبسنا هذا لله تعالى وهذا لكم ، فما كان لله أخفيناه ، وما كان لكم أبديناه (٣) ثمّ لم يتكلم عن كشف الإمام عن لباس الثوري «صوفيّاً» مُرائياً!
وقد نقل العامة والخاصة أن أول من قيل له «الصوفي» هو أبو هاشم
__________________
(١) الأعراف : ٣٢.
(٢) الكافي ٦ : ٤٤٢ ، وعنه في بحار الأنوار ٤٧ : ٣٦٠.
(٣) مطالب السؤول ٢ : ٥٦ ، وعنه في كشف الغمة ٣ : ١٥٥.