الكوفي الذي لبس الصوف كالرهبان وتقلّد قولهم بالاتحاد والحلول (١) وذلك في أواخر القرن الهجري الأول. وبدأ سفيان الثوري طلب الحديث بالكوفة فكان يتشيع ، ولكنّه خرج لطلب الحديث إلى البصرة فالتقى بأيوب وابن عون فترك التشيع (٢) ولزم التصوّف ، وعرّفه ابن حجر بالعابد وقال : وربّما دلّس (٣) ثمّ أوصى أن تدفن كتبه لأنّه ندم على أشياء كتبها عن قوم وقال : حملني عليه طلب شهرة الحديث (٤) ومنه حديث طويل يشتمل على حديث كذب عن الباقر وأربعة أحاديث كذب عن الصادق عليهماالسلام «حدّث بها عن الثوري رواته من البصرة ، في قدح علي عليهالسلام ومدح من تقدّمه من الخلفاء! ختمها الصادق عليهالسلام بقوله لهم : من كذب علينا «أهل البيت» حشره الله يوم القيامة يهودياً أعمى!» (٥) مما يكشف عن تاريخ انتشار مثل هذه الأخبار عنهم عليهمالسلام.
وكأنّ جمعاً من «الصوفيّة» ممّن يظهرون التزهّد ويدعون الناس أن يكونوا على مثل الذي هم عليه من التقشّف ، تكشّف لهم حصر صاحبهم الثوري أمام الإمام عليهالسلام ، فأتوه وقالوا له :
إن صاحبنا (الثوري) حُصر عن كلامك ولم تحضره حُججه! فقال لهم : فهاتوا حُججكم! فقالوا : إن حُججنا من كتاب الله! فقال لهم : فأدلوا بها فإنها أحق ما اتُّبع وعُمل به.
__________________
(١) حديقة الشيعة للأردبيلي : ٥٦٠.
(٢) ذيل المذيل للطبري : ٦٥٧.
(٣) تقريب التهذيب لابن حجر وعنه في سفينة البحار ٤ : ١٩٠.
(٤) حلية الأولياء ٧ : ٣٨.
(٥) اختيار معرفة الرجال : ٣٩٢ ـ ٣٩٧ ، الحديث ٧٤١.