المصلّى) ولإحرامه دُفن مكشوف الرأس (١) وخلّف ستمئة ألف ألف (مليون) درهم وأربعمئة عشر ألف ألف (مليون) دينار ، وكان مع هذا ممسكاً وينظر فيما لا ينظر فيه العوام وخلّف بنتاً وستة أبناء (٢) وكان طويلاً أسمر نحيفاً خفيف العارضين ، يخضب بالسواد ، لا يبالي أن يحفظ ملكه بهلاك غيره ، وما خلّف من الأموال لم يجتمع مثله لخليفة قبله ولا بعده ، وهو تسعمئة ألف ألف (مليون) وستون ألف ألف (مليون) واستوزر خالد بن برمك. ثمّ أبا أيوب الخوزي المورياني وكان مولاه الربيع حاجبه ثمّ استوزره (٣) وبموته بمكة اطلق سفيان الثوري وعبّاد بن كثير من الحبس (٤).
ومن مواليه حمّاد التركي قال : سمع المنصور جلبةً في بعض دوره فقال لي : انظر ما هذا؟ فذهبت فإذا بعض غلمانه جالساً وحوله الجواري وهو يضرب لهنّ بالطنبور وهنّ يضحكن! فأخبرته ، فسألني : وما الطنبور؟ فوصفته له ، فسأل : وما يدريك؟ قلت : كنت رأيته بخراسان. فقام يمشي إليهنّ فلمّا رأينه تفرّقن ، فأمر أن يضرب بالطنبور على رأس الغلام حتّى تكسّر ، وباعه! فلم يُر في داره شيء من العبث واللهو واللعب (٥) ظاهراً!
فلم يكن يظهر لندمائه بشرب ولا غناء بل يجلس وبينه وبين الندماء ستارة ، وبينهم وبينها عشرون ذراعاً ، وبينها وبينه كذلك (٦).
__________________
(١) تاريخ مختصر الدول : ١٢٣.
(٢) مروج الذهب ٣ : ٣٠٨.
(٣) التنبيه والإشراف : ٢٩٥ ـ ٢٩٦.
(٤) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٣١٨ ، وقال : دُفن بين بئر ميمون والحجون.
(٥) تاريخ مختصر الدول : ١٢٣.
(٦) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٣٢٥ عن الصولي عن إسحاق الموصلي.