وما رجا من معونته ومؤازرته إياه على باطل ما كان يركن إليه في سيرته وآثاره وأعماله الخبيثة! ولقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «الولد للفراش وللعاهر الحجر» وقال : «من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً» (١).
ولعمري ما وُلد زياد في حجر أبي سفيان ولا على فراشه ، ولا كان عُبيد عبداً لأبي سفيان ولا سُميّة أمة له ولا كانا في ملكه ولا صارا إليه لسبب من الأسباب (المملّكة) ... فخالف معاوية بقضائه في زياد واستلحاقه إياه وما صنع فيه وأقدم عليه (خالف) أمر الله «جلّ وعزّ» وقضاء رسول الله صلىاللهعليهوآله ، واتّبع في ذلك هواه ، رغبة عن الحق ومجانبة له ، وقد قال الله عزوجل: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنْ اللهِ إِنَّ اللهَ لَايَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٢)).
وقد رأى أمير المؤمنين! أن يردّ زياداً ومن كان من ولد امّهم إلى نسبهم المعروف ، يلحقهم بأبيهم عُبيد وأُمهم سميّة ، ويتّبع في ذلك قول رسول الله صلىاللهعليهوآله وما أجمع عليه الصالحون وأئمة الهدى ، ولا يجيز لمعاوية ما أقدم عليه مما يخالف كتاب الله وسنّة رسوله صلىاللهعليهوآله.
فاعلم أن ذلك رأي أمير المؤمنين! في زياد وما كان من ولد زياد ، فألحقهم بأبيهم زياد بن عُبيد وامهم سُميّة واحملهم عليه ، وأظهره لمن قِبلك من المسلمين حتّى يعرفوه ويستقيم فيهم. وإن أمير المؤمنين! قد كتب بذلك إلى قاضي البصرة وصاحب ديوانهم ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. كتبه معاوية بن عبيد الله (٣) سنة تسع وخمسين ومئة.
__________________
(١) الصرف : التوبة ، والعدل : المعادل فدية وكفارة.
(٢) القصص : ٥٠.
(٣) الأشعري الطبراني من طبرية الأُردن من الشام. التنبيه والإشراف : ٢٩٧.