فإذا به أبو الحسن عليهالسلام على بغلة أمام القِطار فقال لي : إيه يا أبا خالد! قلت : لبّيك جعلت فداك! قال : لا تشكنّ ، ودّ ـ والله ـ الشيطان أنّك شككت! قلت : قد كان والله ذلك جعلت فداك! ثمّ قلت : الحمد لله الذي خلّصك من الطاغية! فقال : يا أبا خالد ، إن لهم (وليس له) إليّ عودة لا أتخلّص منهم (وليس منه) (١) ورواه الكليني (٢) والراوندي (٣) كذلك.
وحين نصل إلى الحلبي نراه يفصّل عن الزُبالي ما يلي : قال : نزل أبو الحسن الكاظم عليهالسلام منزلنا زُبالة في سنة مُجدبة في يوم شديد البرد لا نقدر على عود نستوقد به ـ وكان الزُبالي زيدياً ـ فقال له : يا أبا خالد ، ائتنا بحطب نستوقد به. قال : قلت : والله ما أعرف في هذا الموضع عوداً واحداً! فقال : كلّا يا أبا خالد ؛ ترى هذا الفجّ (بين الجبلين) خُذ فيه فإنّك تلقى أعرابياً معه حملان حطباً فاشترهما منه ولا تماكِسه.
قال أبو خالد : فركبت حماري وانطلقت حتّى لقيت الأعرابي ومعه الحملان حطباً فاشتريتهما منه وأتيتهُ بهما ، وأتيته بما عندنا نطعَم منه ، ثمّ قال الكاظم عليهالسلام : نقدم عليك في شهر كذا في يوم كذا عند الميل. وفي اليوم الموعود ركبت حماري وجئت حتّى نزلت عند الميل ولزقت به ، فإذا أنا براكب أمام القِطار ، فقصدت إليه فإذا به يهتف بي : يا أبا خالد ، قلت : لبّيك جُعلت فداك. قال : أتراك وفَيناك بما وعدناك؟ وانطلقت معه حتّى نزل في القبّتين اللتين كان نزل فيهما ، ثمّ قال لي : يا أبا خالد ، سلني حاجتك.
__________________
(١) قرب الاسناد للحميري : ٢٥٧ ، الحديث ١٢٤٨.
(٢) أُصول الكافي ١ : ٤٧٧ ـ ٤٧٨ ، الحديث ٣ باب مولد الكاظم عليهالسلام ، وعن دلائل الإمامة للحميري أيضاً في كشف الغمة ٣ : ٣٩٨.
(٣) الخرائج والجرائح ١ : ٣١٥ ، الحديث ٨.