وكان يحجبه الربيع حاجب المنصور فرفع السيّد إليه رقعة مختومة وقال له : إنّ فيها نصيحة للأمير فأوصلها إليه! فأوصلها فإذا فيها :
قل لابن عباسٍ سميّ محمّد |
|
لا تُعطينّ «بني عدي» درهماً! |
واحرم «بني تيم بن مرّة» إنّهم |
|
شرّ البرية آخراً ومقدّماً! |
إن تعطهم لا يَشكروا لك نعمة |
|
ويكافؤوك بأن تُذمّ وتُشتما! |
وإن ائتمنتهمُ أو استعملتهم |
|
خانوك ، واتخذوا خراجك مغنماً! |
ولئن منعتهمُ لقد بدؤوكمُ |
|
بالمنع إذ ملكوا ، وكانوا أظلما |
منعوا تُراث محمّد أعمامه |
|
وابنيه وابنته عديلة مريما |
وتأمّروا من غير أن يُستخلفوا |
|
وكفى بما فعلوا هنالك مأثما |
لم يشكروا لمحمد إنعامه |
|
أفيشكرون لغيره إن أنعما |
والله منّ عليهم بمحمد |
|
وهداهمُ وكسا الجنوب وأطعما |
ثمّ انبروا «لوصيّه» ووليّه |
|
بالمنكرات ، فجرّعوه العلقما |
فلمّا قرأها المهدي أمر بوقف العطاء وإدخال السيد إليه ، فلمّا رآه ضحك وقال له : قد قبلنا نصيحتك (١) فلمّا ولي المهدي لم يمدحه بل هجاه فاخذ فاعتذر إليه فرضي عنه فمدحه (٢).
وتعدّدت أخبار السيّد الحميري مع المنصور ، ونرجّح أن نرجع هنا عوداً على بدءٍ : نشأة السيّد بالبصرة :
أبوه محمّد بن يزيد الحِميري ، وأُمه من أزد عُمان (٣) وولد إسماعيل
__________________
(١) الأغاني ٧ : ٢٦٣ ، وعنه في الغدير ٣ : ٣٦٣.
(٢) الغدير ٣ : ٣٨٣.
(٣) الغدير ٣ : ٣٣٢.