خمسه ويوجّه به إلى موسى بن جعفر (١)! فلست أشك اليوم في أنّه قد فعل ذلك بما أمرت به اليوم من العشرين ألف دينار!
وعرف جعفر الخزاعي سعي البرمكي به إلى الرشيد ، وكانت الأموال في بُدر ، فدفعها بخواتيمها إلى جاريته. وأرسل الرشيد عليه ليلاً ، فلمّا جاءه رسوله خشي أنّه إنّما دعاه ليقتله! فاغتسل وتحنّط بكافور ولبس بردة فوق ثيابه وأقبل إلى الرشيد. فلمّا رآه ورأى البردة عليه وشمّ كافوره قال له : ما هذا؟ قال : يا أمير المؤمنين! لما جاءني رسولك في هذه الساعة لم آمن أن يكون قد قدح في قلبك ما يقال عليَّ فأرسلت إليّ لتقتلني! قال : كلّا ولكن اخبرت أنّك تبعث من كل ما يصير إليك بخُمسه إلى موسى بن جعفر! وأنك قد فعلت ذلك في العشرين ألف دينار؟! فقال جعفر : يا أمير المؤمنين! تأمر بعض خدمك يذهب فيأتيك بها بخواتيمها.
فقال الرشيد لخادم له : خذ خاتم جعفر وانطلق به حتّى تأتيني بهذا المال. وسمّى له جعفر جاريته التي عندها المال ، فدفعت إليه البُدر بخواتيمها فأتى بها إلى الرشيد. فحينئذ قال له جعفر : هذا أول ما تعرف به كذب من سعى بي إليك. قال : صدقت يا جعفر ، انصرف آمناً فإني لا أقبل فيك قول أحد.
ثمّ كان من احتيال البرمكي لإسقاط جعفر الخزاعي أن قال ليحيى بن أبي مريم : دُلّني على رجل من آل أبي طالب له رغبة في الدنيا فأوسع له منها. فدلّه على عليّ بن إسماعيل بن جعفر (٢).
فحمل البرمكي مالاً إلى علي بن إسماعيل ليشخص إليه. وأحسّ الكاظم عليهالسلام
__________________
(١) فهذا الخبر من بوادر أخبار تواتر أخماس الشيعة إلى أئمة أهل البيت عليهمالسلام.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٢٠٣ ، الباب ٢٨ ، الحديث ٨٣. وتجاوزه المفيد والطوسي إلى مقاتل الطالبيين.