وكأنّ الرشيد كان قد نذر الحج أو العمرة شكراً لظفره بوليد التغلبي الخارجي فاعتمر الرشيد لشهر رمضان وانصرف منها وقدم المدينة (١) فاستقبله الأشراف وفيهم الإمام الكاظم عليهالسلام وانصرفوا من استقباله. وليلاً مضى الرشيد إلى المسجد وصار إلى قبر رسول الله صلىاللهعليهوآله (٢) وكأنّه اصطحب معه الإمام الكاظم عليهالسلام ومعه عيسى بن جعفر وجعفر بن يحيى العباسيان ، جاؤوا معه إلى قبر النبي صلىاللهعليهوآله.
فقال هارون للكاظم عليهالسلام : تقدّم ، فأبى ، فتقدّم هارون فسلّم ثمّ قام فتنحّى ناحية ، فقال عيسى العباسي للكاظم عليهالسلام : تقدّم ، فأبى ، فتقدم عيسى فسلّم ثمّ وقف مع هارون. فقال جعفر العباسي للكاظم عليهالسلام : تقدّم ، فأبى ، فتقدّم جعفر فسلّم ثمّ وقف مع هارون.
ثمّ تقدّم الكاظم عليهالسلام فقال : السلام عليك يا أبه! أسأل الله الذي اصطفاك واجتباك ، وهداك وهدى بك ، أن يصلّي عليك.
فالتفت هارون لعيسى العباسي وقال له : سمعت ما قال؟! قال : نعم! قال هارون : فأشهد أنّه أبوه حقاً (٣)!
وروى الكليني الخبر قال : تقدّم هارون إلى قبر النبيّ وقال : السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يابن العمّ! مفتخراً بذلك. فتقدّم الكاظم عليهالسلام إلى القبر فقال : السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا أبة! فتغيّر وجه الرشيد وتبيّن الغيظ فيه (٤).
__________________
(١) انظر تارو الطقي ٧ : ٢٦١ ، واليعقوض ٢ : ٤٣ ، وأُصول الكاص ١ : ٤٧٦
(٢) الإرشاد ٢ : ٢٣٩ ، قال : ويقال ....
(٣) كامل الزيارات : ١٨ ، الباب ٣ ، وعنه ص تمهيد ار الأنوار ٤٨ : ١٣٦
(٤) الارشاد ٢ : ٢٣٤ ، الكاص ٤ : ٥٥٣ ، وكامل الزيارات : ٥٦.