حتّى قتل اللصوص ولم يدع بها فرساً ولا رمحاً إلّاصادره ، فعادوا إلى الأمن ، واستخلف على الشام عيسى بن العكّي ، وولّى على البلقاء وما يليها صالح بن سليمان العباسي ، وعاد إلى الرشيد ببغداد فقبّل يديه ورجليه (١) وولّاه الرشيد على خراسان وسجستان.
ثمّ استخلف الرشيد ببغداد ابنه الأمين وولّاه العراقين ، وشخص منها إلى الرَّقة بالشام على طريق الموصل ، فلمّا نزل البَردان عزل عيسى العباسي عن البصرة وولّاه على خراسان ، وعزل عنها جعفر البرمكي بعد عشرين ليلة من توليته عليها! ولمّا وصل إلى الموصل وكان قد غضب عليها لكثرة الخوارج منها فأمر بهدم سورها! ثمّ مضى إلى الرّقة فنزلها واتّخذها وطناً! وكان الفضل بن يحيى البرمكي على طبرستان والرويان والري فعزله عنها وولّاها عبدَ الله بن خازم السُّلمي (٢).
ولم يكن الفضل البرمكي بتلك الأماكن وإنّما كان ولّاها رجالاً عنه ، وهو مقيم ببغداد ، وغضب عليه الرشيد لأنّه أراده على شيء في أمر الكاظم عليهالسلام فلم يفعله ، بل بلغه عنه أنّه عنده في رفاهية وسعة ودعة (٣)!
هذا ما أسنده الإصفهاني الاموي ، وعنه المفيد وزاد : اتصل خبر توسعة الفضل البرمكي بالرشيد وهو بالرّقة (على شرق الفرات بالشام) فكتب إليه يُنكر عليه توسعته على موسى ، بل يأمره بقتله! فتوقّف عن ذلك ولم يقدم عليه! فاغتاظ الرشيد منه (٤).
__________________
(١) تاريخ الطبري ٧ : ٢٦٢ ـ ٢٦٣.
(٢) تاريخ الطبري ٧ : ٢٦٦ ـ ٢٦٧.
(٣) مقاتل الطالبيين : ٣٣٥.
(٤) الإرشاد ٢ : ٢٤١.