القائم المهدي ، بحيث لا يجوز لنا تكذيبها ، ومن ناحية أُخرى ورد علينا من خبر وفاته مثل الذي ورد علينا من خبر وفاة الماضين من آبائه ، فهو أيضاً ممّا لا يجوز إنكاره وردّه لتواتره وشهرته ووضوحه ، فعند هذا وقفنا عن الإقرار بحياته وعن إطلاق الموت عليه ، فنحن مقيمون على إمامته حتّى يصحّ لنا مَن بعده. ثمّ صدّقوا روايات أصحابه في إمامة ابنه علي الرضا عليهالسلام وشاهدوا منه أُموراً قطعوا بها بإمامته.
وزعم قوم أنّه لمّا خاف على نفسه القتل منهم خرج من الحبس ولم يره أحدهم ولم يعلموا به ، فادّعوا موته ولبّسوا على الناس برجل آخر مات لديهم فأخرجوه ودفنوه باسمه كذباً ، وإنّما اختفى وغاب. وقال آخرون : إنّه مات ولكنّه القائم برجعته. وقال آخرون : إنّه مات ورجع كما عاد عيسى عليهالسلام وهو مختفٍ ، ثمّ اختلفوا فقال قوم : إنّه له مواضع شتى إلى أوان ظهوره. وقال آخرون : بل هو في موضع ويلقاه ويراه من يوثق به من أصحابه فيعرفونه ويأمرهم وينهاهم. وقال آخرون منهم : هو حيّ وقد استخلف ابنه الرضا وولده بعده وعلى الناس القبول منهم والسمع والطاعة لهم والانتهاء إلى أمرهم ، فهم خلفاؤه واحداً بعد واحد إلى خروجه وظهوره وليسوا بأئمة (١)! فهذه فِرق الواقفة ، والذين قطعوا بموته وإمامة ابنه الرضا عليهالسلام وُسموا لذلك بالقطعية.
في عهد الباقر عليهالسلام لم نعثر على وكلاء له ، وإنّما بدأنا نجدهم على عهد الصادق عليهالسلام في الكوفة بلا ذكر مال وغيره لديهم ، وإنّما نجد ذلك على عهد الكاظم عليهالسلام.
منهم في الكوفة أحمد بن أبي بشر السراج المولى الكوفي ، ومعه آخر
__________________
(١) فرق الشيعة : ٧٩ ـ ٨٢ ، وفي المقالات والفرق : ٨٨ ـ ٩١.