فالإمام عليهالسلام لا يحبّ له القتل ولكنّه يبشره بمقام الشهادة حديثاً عن جدّه النبي صلىاللهعليهوآله.
ويناسب ذلك التخيير شرعاً ، ونجد هذا فيما رواه الكشي بسنده عن زرارة بن أعين الفقيه : أنّه كان عند الصادق عليهالسلام وعنده عمّه زيد فقال له زيد : يا فتى ما تقول في رجل من آل محمّد استنصرك؟ قال : فقلت له : إن كان مفروض الطاعة نصرته ، وإن كان غير مفروض الطاعة فلي أن أفعل ولي أن لا أفعل! فخرج زيد ، وقال لي أبو عبد الله عليهالسلام : أخذته والله من بين يديه ومن خلفه وما تركت له مخرجاً (١) فهو تقرير من الإمام لفقه زرارة حكم المسألة.
ويظهر من الخبر أنّ استنصار زيد كان قد بدأ يومئذ في المدينة قبل خروجه منها إلى الشام والعراق ، ولكنّه إنّما على عهد الصادق بعد أبيه الباقر عليهماالسلام وليس على عهده.
وعليه فلا يصحّ ما أرسله الكليني عن موسى بن بكر عن من حدّثه عن أبي جعفر الجواد عليهالسلام :
أنّ زيد بن علي دخل على أبي جعفر محمّد بن علي ومعه كتب من أهل الكوفة يدعونه فيها إلى أنفسهم ويخبرونه باجتماعهم ويأمرونه بالخروج إليهم! فقال له أبو جعفر : هذه الكتب ابتداء منهم أو جواب ما كتبت إليهم ودعوتهم إليه؟ فقال : بل ابتداء من القوم ؛ لمعرفتهم بحقّنا وبقرابتنا من رسول الله صلىاللهعليهوآله ولما يجدون في كتاب الله عزوجل من وجوب مودّتنا وفرض طاعتنا (كذا)! فقال له أبو جعفر : المودّة للجميع والطاعة لواحد منّا! (وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَايُوقِنُونَ (٢)) فلا تعجل ولا تسبقنّ الله فتعجزك البلية فتصرعك!
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال : ١٥٢ ، الحديث ٢٤٨.
(٢) الروم : ٦٠.