وكأنّه عليهالسلام ارتضاه لقربه من حمّام هناك دخلها فعُرفت بعدها بحمام الرضا ، وكانت هناك عين ماء تُعرف بعين كهلان وقد قلّ ماؤها فأقام الرضا عليهالسلام عليها مَن أخرج ماءها حتّى كثر وتوفّر ، واتخذ من هذه العين حوضاً خارج الدرب يُنزل إليه بالدرج ، ودخله الرضا عليهالسلام واغتسل فيه وصلّى على ظهره ، فأخذ الناس يتناوبون على ذلك الحوض يغتسلون فيه ويصلون على ظهره ويدعون الله لحوائجهم (١).
وكانت نيشابور يومئذٍ حاضرة علمية يحضرها كثير من روّاد علم الحديث ، ومقدّمهم إسحاق بن إبراهيم المعروف براهويه لولادته في طريق مرو! الحنظلي التميمي المروزي النيشابوري ، رحل في طلب علم الحديث وورد بغداد مراراً وعاد إلى خراسان فاستوطن نيشابور فانتشر علمه بها وروى عنه أحمد بن حنبل ومسلم بن الحجاج النيشابوري ومحمّد بن إسماعيل البخاري صاحبا الجامعين الصحيحين (٢).
وعلم علماء الحديث بحلول الرضا عليهالسلام في مدينتهم ، ثمّ علموا بأنّ الركب المأموني يتهيّؤون للخروج منها إلى المأمون ، فاجتمعوا إليه وفيهم إسحاق بن راهويه وإذا بالرضا عليهالسلام قد اركب في العمارية على الراحلة فقالوا له : يابن رسول الله! أترحل عنّا ولا تحدّثنا بحديث نستفيده منك؟! فأطلع رأسه وقال :
سمعت أبي موسى بن جعفر يقول : سمعت أبي جعفر بن محمّد يقول : سمعت أبي محمّد بن علي يقول : سمعت أبي علي بن الحسين يقول : سمعت أبي الحسين بن علي يقول : سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول : سمعت النبي صلىاللهعليهوآله يقول : سمعت الله عزوجل يقول : «لا إله إلّاالله حصني ، فمن دخل حصني أمِن من عذابي».
__________________
(١) المصدر السابق ٢ : ١٣٦ ، الباب ٣٧.
(٢) تاريخ بغداد ٦ : ٣٤٥ وانظر قاموس الرجال ١ : ٧٤٩ برقم ٧٠٥.