بما مرّ من الإجماعات المحكية ، وبما علّله المتأخّرون من اشتراكهما في الحرمة وتغليظ قتل الصيد فيه المناسب لتغليظ غيره ، فقولهم في غاية القوة.
وهل يلحق بها حرم المدينة ومشاهد الأئمّة على مشرّفها ألف صلاة وسلام وتحية؟ مقتضى الأصل العدم ، وفي الشرائع والإرشاد والتحرير (١) عن الشيخ الإلحاق ، وعبارته في النهاية لا تساعده ، كما نبّه عليه الحلّي (٢).
قيل : والظاهر اختصاص التغليظ بالعمد (٣) ؛ للأصل ، واختصاص أكثر الفتاوي به من حيث التعليل بالانتهاك.
وفيه نظر ، فإنّ مقتضى الخبرين العموم ، وبه صرّح الحلّي ، فقال : قد ذكرنا أنّ الدية تغلظ في العمد المحض وعمد الخطأ ، وتخفّف في الخطأ المحض أبداً إلاّ في موضعين : المكان والزمان ، فالمكان : الحرم ، والزمان : الأشهر الحرم ، فعندنا أنّها تغلظ بأن توجب دية وثلثاً (٤). وظاهره كما ترى دعوى الإجماع عليه أيضاً.
وقريب منه ابن زهرة ، حيث أطلق الحكم ولم يعلّل بما يوجب التقييد بالعمد ، فقال : ويجب على القاتل في الحرم أو في شهر حرام دية وثلث إلى أن قال ـ : كل ذلك بدليل إجماع الطائفة (٥).
ومثله في الإطلاق عبارة الفاضل في التحرير والإرشاد (٦) ، ولذا صرّح
__________________
(١) الشرائع ٤ : ٢٤٦ ، الإرشاد ٢ : ٢٣٣ ، التحرير ٢ : ٢٦٨.
(٢) السرائر ٣ : ٣٦٣ ، انظر النهاية : ٧٥٦.
(٣) قاله الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٤٩٦.
(٤) السرائر ٣ : ٣٢٣.
(٥) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢٠.
(٦) التحرير ٢ : ٢٦٨ ، الإرشاد ٢ : ٢٣٣.