ومنها الصحيحان الدالاّن على العفو عنه مرّتين ، فإن عاد قطع أطراف أصابعه كما في أحدهما ، وبنانه بدلاً عنه في الثاني ، فإن عاد قطع أسفل من ذلك كما في الأوّل ، ومن بنانه كما في الثاني ، وزيد فيه : « فإن عاد قطع أسفل من ذلك » (١).
وفي الغنية : روى أصحابنا : « أنّ الصبي إذا سرق هُدِّد ، فإن عاد ثانيةً أُدِّب بحك أصابعه بالأرض حتى تدمى ، فإن عاد ثالثةً قطعت أطراف أنامله الأربع من المفصل الأول ، فإن عاد رابعةً قطعت من المفصل الثاني ، فإن عاد خامسةً قطعت من أُصولها » (٢).
وأكثر النصوص تخالف هذا التفصيل. نعم ، في بعضها ما يومئ إليه (٣) ، لكن فيه العفو بدل التهديد. ولا يخفى ما بينهما من التنافي ، إلاّ أن يحمل المعفوّ عنه على القطع والإدماء ، فلا ينافي التهديد ، لكن السند قاصر. وعبارته وإن أشعرت بالإجماع عليه إلاّ أنّه موهون بمخالفته الأكثر ، بل الكلّ ، كما يظهر من نقل الأقوال الذي مرّ.
وبالجملة : العمل بهذه الأخبار محلّ نظر وإن استفاض صحاحها وقرب من التواتر عددها ؛ لما مضى ، فينبغي حملها على كون الواقع تأديباً منوطاً بنظر الحاكم ، لا حدّا ، كما ذكره في المسالك شيخنا (٤) ، ومقتضاه
__________________
(١) الأول في : الكافي ٧ : ٢٣٢ / ١ ، التهذيب ١٠ : ١١٩ / ٤٧٣ ، الوسائل ٢٨ : ٢٩٣ أبواب حدّ السرقة ب ٢٨ ح ١.
الثاني في : الكافي ٧ : ٢٣٢ / ٢ ، التهذيب ١٠ : ١١٩ / ٤٧٤ ، الوسائل ٢٨ : ٢٩٤ أبواب حدّ السرقة ب ٢٨ ح ٤.
(٢) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢٣ ٦٢٤.
(٣) التهذيب ١٠ : ١٢١ / ٤٨٤ ، الوسائل ٢٨ : ٢٩٨ أبواب حدّ السرقة ب ٢٨ ح ١٥.
(٤) المسالك ٢ : ٤٤١.