به ، كما وردت أكثر آيات سورة الحجرات لتأديب المسلمين وتهذيبهم مما يشينهم من أخلاق وأفعال ، كرفع أصواتهم فوق صوت النبي صلىاللهعليهوآله ، وعدم توقيره ، وندائه من وراء الحجرات ، وسخرية بعضهم من بعض واغتيابهم لهم والتنابز بالألقاب ، ونحو ذلك مما يخرجون به عن مقتضى الحكمة والرشد.
وبذلك يتم ما ذكرنا من قصور التعليل عن مورد المفهوم ، فلا ينهض برفع اليد عنه لو تم في نفسه ، ولا موقع للإشكال المذكور من أصله.
ثم إنه بما ذكرنا يتضح أنه لا مجال للاستدلال بالآية الشريفة على عدم حجية خبر الفاسق مطلقا وإن كان ثقة في نفسه مأمونا منه التسامح في الكذب ، للزوم الخروج عن إطلاق الفاسق فيها بالتعليل بعد حمله على ما سبق. ولا أقل من الإجمال المانع من الاستدلال.
وأما ما ذكره شيخنا الأعظم قدسسره من ورود الآية للإرشاد إلى عدم جواز مقايسة خبر الفاسق بخبر غيره وإن حصل منه الاطمئنان ، لزوال الاطمئنان منه بالالتفات إلى فسقه وعدم مبالاته بالمعصية وإن كان متحرزا عن الكذب.
ففيه : أنه إن أريد به زوال الاطمئنان من خبره حقيقة بسبب الالتفات إلى فسقه. فهو غير مطرد ، لأن التحرز عن الكذب غير مختص بالعادل قطعا ، بل هو خلاف المفروض في محل الكلام.
وإن أريد به أن الشارع قد ردع عن خبره مطلقا وإن كان متحرزا عن الكذب ، لعدم اكتفائه بالاطمئنان الحاصل منه ، فلا مجال له بعد ما تقدم من ظهور التعليل في كونه ارتكازيا ، وظهور الآية في الحث على مقتضى الارتكاز العقلائي في التوقف عن خبر من لا يؤمن كذبه ، لا الردع عن مقتضى سيرة العقلاء في العمل بخبر من يؤمن كذبه زيادة في التحفظ. ومن هنا لا مجال للخروج عما دل على حجية خبر الثقة لو تم.