المقصد الثالث
في التعارض
وهو لغة تفاعل من العرض ، الذي ورد في استعمالات كثيرة بأنحاء مختلفة ، وذكرت له في كلمات اللغويين ـ تبعا لذلك ـ معاني متعددة قد يرجع بعضها إلى بعض. ولعل الأصل لغير واحد منها هو العرض المقابل للطول ، حيث قد يرجع إليه استعماله بمعنى السعة في مثل قوله تعالى : (وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ)(١) وقوله سبحانه : (وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ)(٢).
كما قد يرجع إليه استعماله بمعنى المنع تشبيها للمانع بما يقف للسائر في عرض الطريق ويصده عن المضي والنفوذ ، كالخشبة المعترضة في النهر المانعة من جريان الماء ، كما تضمنه حديث سراقة أنه عرض لرسول الله صلىاللهعليهوآله وأبي بكر الفرس.
قال ابن الأثير : «أي اعترض به الطريق يمنعهما من المسير». ولعله لذا سمي الإيراد على المطالب العلمية اعتراضا.
وهذا هو الأنسب بالمقام ، بلحاظ أن كلا المتعارضين يمنع من العمل بالآخر. فكأنه مانع من نفوذه وتأثيره لمقتضاه. والأمر سهل.
__________________
(١) سورة الحديد الآية : ٢١.
(٢) سورة فصلت الآية : ٥١.