ولو أحرز بعد ذلك مطابقته للواقع تعين الاجتزاء به. وكذا لو انكشف مطابقته للحجة القائمة حين إرادة الخروج عن العهدة ، كما لو كان حينئذ مقلدا لمن يقول بصحة عمله.
وأما إذا كان مطابقا للحجة القائمة حين صدور العمل ، دون الحجة القائمة حين إرادة الخروج عن العهدة ، فهل يجب التدارك أو لا؟ فإذا صلّى الجمعة تسامحا في وقت كانت وظيفته الرجوع لمن يفتي بإجزائها من دون علم برأيه ، ولم يهتم بالخروج عن العهدة إلا بعد أن صارت وظيفته الرجوع لمن يفتي بعدم إجزائها ، فهل يجتزئ بها تبعا لفتوى الأول أو لا يجتزئ بها تبعا لفتوى الثاني؟ وجهان ، مبنيان على ما تقدم في المسألة الرابعة من التفصيل بين ما إذا كان دليل الرجوع للثاني يعم الوقائع السابقة ، بنحو يقتضي سقوط التقليد الأول عن الحجية فيها ، وعدمه ، فيجتزئ بعمله على الثاني ، دون الأول.
ولا مجال لما تقدم منا من الإجتزاء بمتابعة فتوى من يجب الرجوع إليه حين العمل مطلقا. لاختصاص الدليل عليه بالسيرة ، والمتيقن منها صورة اعتماد المكلف على الحجة حين العمل ، ولا طريق لإحراز عمومها لما إذا طابق الحجة المذكورة من دون أن يعتمد عليها.
هذا وقد دلت الأدلة الخاصة في بعض الموارد على الاجتزاء بالعمل المخالف للواقع جهلا ، كما في الإتمام في موضع القصر ، والإخفات في موضع الجهر ، وعكسه ، وجميع موارد حديث : «لا تعاد الصلاة ...» (١) ـ بناء على ما هو الظاهر من عمومه لصورة الجهل بالحكم ـ وغيرها.
وقد وقع الإشكال بينهم في الجمع بينه وبين وجوب الفحص عن الواقع في الأحكام المذكورة ، الراجع لاستحقاق العقاب بفوته مع التقصير في
__________________
(١) الوسائل ج : ١ باب : ٣ من أبواب الوضوء حديث : ٨.