وحيث عرفت ذلك فينبغي التعرض لأمور متعلقة بالمقام.
الأمر الأول : الاحتياط وإن كان حسنا عقلا ، إلا أنه قد يزاحم بما هو الأهم ، كالإطاعة الحقيقية في الأحكام الاقتضائية المنجزة الإلزامية أو غيرها ، فيلزم تركه أو يرجح ، وإن لم يخرج عن كونه حسنا في نفسه ، نظير تزاحم الاحتياطين غير اللازمين ، وتزاحم التكليفين المنجزين.
كما أنه يمكن الردع عنه شرعا ، لعدم وفائه بالغرض ، لتوقف الغرض على الجزم بالتكليف ، أو لاستلزامه محذورا لازم الدفع يكون مانعا من تمامية الملاك ومن فعلية الحكم الواقعي في مورده. ومرجع الردع حينئذ إلى قصور التكليف الواقعي أو المكلف به عن صورة الاحتياط ولو بنتيجة التقييد ، فلا يكون الاحتياط طاعة له ، كي يكون انقيادا حسنا ، وهو راجع إلى سدّ باب الاحتياط ، وإلا فمع شمول التكليف أو المكلف به لصورة الاحتياط بحيث يكون طاعة لو صادف الواقع يمتنع الردع عنه مع حسنه عقلا بملاك امتناع الردع عن الطاعة.
إذا عرفت هذا فربما يستظهر من بعض النصوص الردع عن الاحتياط أو عدم حسنه ، كصحيح البزنطي : «سألته عن الرجل يأتي السوق ، فيشتري جبة فراء لا يدري أذكية هي أم غير ذكية ، أيصلي فيها؟ فقال : نعم ، ليس عليكم المسألة ، إن أبا جعفر عليهالسلام كان يقول : إن الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهالتهم ، إن الدين أوسع من ذلك» (١) ونحوه غيره مما تضمن النهي عن السؤال.
وموثق بكير : «قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : إذا استيقنت أنك قد أحدثت
__________________
(١) الوسائل ج : ٢ باب : ٥٠ من أبواب النجاسات حديث : ٣.