لوجوب اليقين بالامتثال ، كان المتعين الرجوع في منجزية العلم المذكور سعة وضيقا إلى المرتكزات العقلية ، وهي حاكمة بأن وجود المتيقن لا يمنع من منجزية العلم الإجمالي في محل الكلام ، وهو ما إذا كان متأخرا عن التكليف المعلوم بالإجمال وكان العلم به متأخرا أيضا عن العلم الإجمالي ، ومع منجزية العلم الإجمالي فعلا يتعين لزوم إحراز الفراغ اليقيني بمراعاة احتمال التكليف المعلوم بالإجمال في جميع الأطراف.
الصورة الثالثة : أن يكون حدوث المانع متأخرا عن التكليف المعلوم بالإجمال ، إلا أن العلم به مقارن للعلم الإجمالي أو متقدم عليه ، كما لو أضطر عند الزوال إلى طعام معين ، وبعده علم إجمالا بتنجس ذلك الإناء أو إناء آخر قبل الزوال. وعن شيخنا الأعظم قدسسره وغيره عدم منجزية العلم الإجمالي حينئذ.
وهو متجه بناء على أن المعيار في منجزية العلم الإجمالي تساقط الأصول الترخيصية في الأطراف بالمعارضة. لأن الأصل في الطرف المبتلى بالمانع لو جرى قبل حدوث المانع لم يعارض ، لعدم العلم الإجمالي بالتكليف حينئذ. كما أنه حين حدوث العلم الإجمالي حيث لا يجري الأصل في الطرف المذكور ، لسبق حدوث المانع فيه ، فلا معارض للأصل الجاري في الطرف الآخر ، فلا يكون العلم الإجمالي المذكور منجزا.
لكن تقدم في آخر الكلام في وجه وجوب الموافقة القطعية ضعف المبنى المذكور ، وأنه لو تم لزم سقوط العلم الإجمالي عن المنجزية في جميع صور ابتلاء بعض الأطراف بالمانع ، بل العلم الإجمالي منجز في نفسه للأطراف ـ لاقتضائه الموافقة القطعية ـ مع قطع النظر عن تعارض الأصول الترخيصية فيها.
وحينئذ يشكل الأمر في المقام ، لأن العلم الإجمالي صالح للتنجيز بعد