في ذلك بعد الفراغ عن البحث في الأصول. ومن هنا كان الأنسب إرجاء ذلك لمبحث التعارض.
الأمر الثالث : أشار غير واحد إلى مسألة أن الأصل في الأشياء الحظر أو الإباحة. ولا يخلو المراد بها عن إجمال. ويستفاد منهم حملها على أحد وجوه ..
الأول : أنه مع قطع النظر عن جعل الحكم الشرعي فهل يحكم العقل بإباحة الأفعال أو بالمنع عنها. بمعنى أن الفعل هل يكون منشأ لاستحقاق العقاب عقلا ما لم يرخص فيه الشارع ، أو لا يكون كذلك ما لم يمنع عنه الشارع.
الثاني : أنه في فرض ورود الحكم الشرعي في الواقعة وتردده بين الحظر والإباحة فهل مقتضى الأصل كونه حظرا أو إباحة؟ فهو راجع إلى تعيين حال الحكم الشرعي المجهول وتشخيصه. وقد يظهر هذا مما عن المحقق القمي قدسسره.
الثالث : أنه في فرض ورود الحكم الشرعي في الواقعة وعدم تشخيصه فهل يحكم العقل بجواز الإقدام ما لم يثبت المنع من الشارع ، أو بالمنع منه ما لم يثبت الترخيص من الشارع؟. وهو ظاهر الفصول.
وعلى الأخير فمرجع النزاع للنزاع في البراءة والاحتياط العقليين الذي عقد له الفصل الأول الآتي.
أما على الأول فهو أجنبي عن ذلك ، لأن موضوعه فرض عدم الحكم الشرعي ، وموضوع النزاع في البراءة والاحتياط العقليين فرض الجهل بحال الحكم الشرعي مع فرض وروده.
إلا أنه لا يبعد ملازمة القول بالحظر في المسألة المذكورة للقول بالاحتياط العقلي ، للتناسب بينهما جدا ، وإلا فمن البعيد جدا الالتزام بالمنع من الإقدام مع فرض عدم الحكم الشرعي مع البناء على جوازه ظاهرا مع ورود