ومن أجل ذلك لا مجال للتعويل على خبر المعلى ، ولا سيما مع ظهور إعراض الأصحاب عنه ، حتى في عصر ظهور الأئمة عليهمالسلام ، لأن الجري عليه موجب لانقلاب مقاييس الفقه بنحو لا يخفى عادة.
فلا بد من حمله على ظروف خاصة ، أو بيانات خاصة ، نظير ما سبق في حديثي الكناني والحسين ، ولا يتخذ قاعدة عامة للعمل عليها ، ولا سيما في عصر الغيبة المتطاول ، الذي يعلم بعدم بقاء مقتضى التقية فيه على النحو الذي بدأ.
والله سبحانه العالم. ومنه سبحانه نستمد العون والتسديد.
الثامن : موافقة الاحتياط. وقد انفردت بالترجيح بها مرفوعة زرارة التي سبق عدم نهوضها بالاستدلال. فلا يهمّ مع ذلك تحقيق المراد بالموافقة والمخالفة له ، وأنه كيف يمكن تحققهما معا في المتعارضين ، كما تضمنته المرفوعة.
وقد تحصل من جميع ما سبق : أن المرجحات المنصوصة تنحصر بالشهرة في الرواية ، وموافقة الكتاب والسنة ، ومخالفة العامة. وهي التي اقتصر عليها الكليني قدسسره ، وأن ما عداها إما لا تنهض نصوصه بإثباته ، أو خارج عما نحن فيه من الترجيح بين الحجتين.
الأمر الثاني : في التعدي عن المرجحات المنصوصة.
لا يخفى أن مقتضى الأصل التعدي عن المرجحات المنصوصة ، بناء على أن المرجع مع عدم الترجيح هو التخيير ، من دون أن يكون لدليل التخيير إطلاق يقتضي الاقتصار في الخروج عنه على المرجحات المنصوصة ، حيث يتعين حينئذ الاقتصار على محتمل الرجحان ، لأنه متيقن الحجية ، على تفصيل لا يسعه المقام.