معه عن الأدلة الخاصة ، من الأخبار ، والإجماع ـ القولي أو العملي ـ أو نحوها من الأدلة التعبدية. بل قد تنافيه نصوص الترجيح ، لظهورها في تأخر المرجح المذكور عن الترجيح بموافقة الكتاب ، التي سبق الاكتفاء فيها بموافقة ظواهره من عموم أو نحوه. وإن كان الأمر غير مهم بعد عدم ظهور أثر عملي للنزاع المذكور.
بقي شيء
وهو أن ظاهر نسبة الموافقة والمخالفة للعامة هو مخالفتهم بما أنهم جماعة قائمة ، ولا يتم ذلك إلا مع اتفاقهم ، أو شهرة الحكم بينهم شهرة يكون بها المخالف منهم شاذا عنهم. إلا أن فرض موافقة الخبرين المتعارضين ومخالفتهما لهم في المقبولة والمرفوعة يناسب العموم لمخالفة بعضهم ممن يعتد به ، ولا يكون شاذا عنهم عرفا. وهو المناسب لارتكاز ابتناء المرجح المذكور على مراعاة احتمال التقية في الموافق ، فإنه يجري في فرض كون أحد الخبرين موافقا لبعضهم والآخر مخالفا لهم بأجمعهم.
كما لا يفرق في البعض بين أن يكون معاصرا لصدور الخبر الموافق أو المخالف وكونه سابقا عليه ، ولا بين كونه منتسبا للسلطان ـ بقضاء ونحوه ـ وغيره ، عملا بالإطلاق.
بل مقتضى فرض موافقة الخبرين للعامة في المقبولة ، ثم الأمر فيها بترك ما حكامهم وقضاتهم إليه أميل ، كون المراد من موافقة البعض ما يعم موافقة غير الحكام والقضاة.
مضافا إلى عموم الجهة الارتكازية لمنشا الترجيح ، لما هو المعلوم من فتح باب الاجتهاد عندهم في العصور السابقة بمصراعيه ، فتتأدى التقية بموافقة أي منهم ، ولا تتميز الطائفة عنهم إلا بمخالفة إجماعهم أو الشهرة المساوقة له.