ولعله على ذلك تبتني سيرة جمهور الفقهاء على طرح الروايات المتروكة والمهجورة بين الأصحاب ، لأن هجرها قرينة عرفية توجب الوثوق بل الاطمئنان بعثورهم على قرينة مانعة عن مقتضى أصالة عدم القرينة أو أصالة الجهة.
بخلاف ما لو لم يستند الظن بعدم إرادة الظهور لأمارة تقتضي الوثوق بوجود القرينة المذكورة ، بل استند لجهة خارجية ، كالشهرة الفتوائية التي لا تبتني على هجر الرواية أو تركها ، بل على أمور أخر كعدم عثورهم على الرواية أو خطئهم في فهمها أو دعوى الدليل المعارض لها أو غير ذلك.
المبحث الثالث
في حجية ظاهر الكتاب الكريم
فقد حكي عن جماعة من الأخباريين المنع عن العمل به ما لم يرد تفسيره عن الأئمة عليهمالسلام ، وهو ظاهر الوسائل. وقد استدل بوجوه كثيرة بعضها ظاهر الوهن. وعمدتها النصوص الكثيرة التي تعرض لكثير منها في الوسائل ، وأنهاها في الباب الثالث عشر من أبواب صفات القاضي إلى ثمانين حديثا ، ثم قال : «وتقدم ما يدل على ذلك ويأتي ما يدل عليه ، والأحاديث في ذلك كثيرة جدا ... وإنما اقتصرت على ما ذكرت لتجاوزه حد التواتر». وهي على طوائف.
الأولى : ما تضمن عدم حجية القرآن إلا بعد الرجوع للأئمة عليهمالسلام ، كصحيح منصور بن حازم : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام ... وقلت للناس : أليس تعلمون أن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان الحجة من الله على خلقه؟ قالوا : بلى. قلت : فحين مضى رسول الله صلىاللهعليهوآله من كان الحجة لله على خلقه؟ قالوا : القرآن. فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجئ والقدري والزنديق الذي لا يؤمن به حتى يغلب الرجال بخصومته ، فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم فما قال