المقام الثاني
في التقليد
والمستفاد من بعض كلمات اللغويين ، واستعمالات أهل اللغة ، أنه عبارة عن جعل الشيء في عنق الغير. وأطلق في العرف على متابعة الغير في العمل. ولعله بلحاظ أن التابع قد حمّل المتبوع مسئولية عمله ، كأنه جعله في عنقه.
لكنه جرد بعد ذلك عن النكتة المذكورة ، ولحظ فيه محض المتابعة والمحاكاة مع قطع النظر عنها. ولذا صح فيما لا مسئولية فيه من الأعمال ، وعدي ب «في» فيقال : قلده في عمله ، لا قلده عمله.
والظاهر أن ذلك هو المراد منه اصطلاحا ، فهو عبارة عن متابعة الغير في العمل. وإن كان ربما يظهر من بعضهم أنه أمر سابق على العمل ، كالأخذ بقول الغير ، والالتزام به على أنه الحكم الظاهري ، أو البناء على المتابعة في مقام العمل. لكنه بعيد ، لاحتياج الخروج عن المعنى العرفي إلى عناية لا ملزم بها.
وكيف كان فلا يهم تحقيق مفهوم التقليد الاصطلاحي ، إذ لا مشاحة في الاصطلاح. كما لا ثمرة مهمة في تحقيق مفهومه اللغوي ، لعدم أخذ عنوانه في أدلة أحكامه ، وإنما أخذ في مرسل الاحتجاج (١) المتضمن لاعتبار العدالة في مرجع التقليد ، وهو ظاهر في المعنى العرفي المذكور. على أن ضعفه في نفسه ، ووضوح اعتبار العدالة ، يغني عن تحقيق مفاده.
__________________
(١) الوسائل ج : ١٨ باب : ١٠ من أبواب صفات القاضي حديث : ٢٠.