القسم الثاني
في الاستصحاب
وينبغي التمهيد له بذكر أمور ..
الأمر الأول : الاستصحاب لغة استفعال من الصحبة. ومن الظاهر مناسبته للمقام ، لمناسبة التعبد ببقاء المشكوك لمصاحبته في الزمان اللاحق ، وادعائها عملا ، حيث قد تستعمل هيئة الاستفعال في البناء على تحقق المادة وادعاء ذلك ، كما في الاستكبار والاستحسان والاستقذار.
أما بحسب الاصطلاح فقد عرف بتعاريف كثيرة. ولعل الأنسب بمفاد النصوص تعريفه بأنه : التعبد الظاهري ببقاء الشيء في زمان الشك ، لليقين بثبوته في الزمان السابق.
وأما بناء على أخذه من حكم العقل أو بناء العقلاء ـ وغض النظر عن مفاد النصوص ـ فكما يمكن تعريفه بما سبق يمكن تعريفه بما هو المنشأ له ، وهو كون الشيء متيقنا سابقا مشكوكا في بقائه لاحقا.
والأول أنسب بإطلاق لفظ الاستصحاب ، لما تقدم من استعمال هيئة الاستفعال بلحاظ ادعاء وجود المادة والبناء عليها ، كما هو المناسب لعدّ بعضهم الاستصحاب من أقسام حكم العقل ، لأن التعبد بالبقاء نحو من الحكم.
والثاني هو المناسب لعدّ بعضهم له من الطرق والأمارات.
والأمر سهل ، لعدم الأثر لتحديد المعنى الاصطلاحي ، بل يلزم النظر في مفاد الأدلة ، ولم يؤخذ في شيء منها عنوان الاستصحاب.